صاحب الحوت : هو يونس عليه السلام ، مكظوم : أي مملوء غيظا ، من قولهم : كظم السقاء إذا ملأه ، والعراء : الأرض الخالية ، فاجتباه : أي اصطفاه ، يزلقونك : أي يزلون قدمك ، يقولون : نظر إلىّ نظرة كاد يصرعنى ، أو كاد يأكلنى : أي لو أمكنه بنظره أن يصرعنى أو يأكلنى لفعل ، قال شاعرهم :
يتقارضون إذا التقوا فى موطن |
|
نظرا يزل مواطن الأقدام |
والذكر : القرآن ، ذكر : أي تذكير وبيان لجميع ما يحتاجون إليه.
المعنى الجملي
بعد أن خوف الكفار من هول يوم القيامة ـ خوّفهم مما فى قدرته من القهر فقال لرسوله مؤنّبا لهم وموبخا : خلّ بينى وبين من يكذب بهذا القرآن ، فإنى عالم بما ينبغى أن أفعل بهم ، فلا تشغل قلبك بهم ، وتوكل علىّ فى الانتقام منهم ، إنا سندنيهم من العذاب درجة فدرجة ، ونورطهم فيه بما نوليهم من النعم ، ونرزقهم من الصحة والعافية ، فتزداد معاصيهم من حيث لا يشعرون ، فكلما جدّدوا معصية جددنا لهم نعمة ، وأنسيناهم شكرها.
ثم قال لرسوله : ماذا ينقمون منك؟ ء أنت تسألهم أجرا على تبليغ الرسالة ثقل عليهم فامتنعوا عن إجابة دعوتك؟ أم عندهم علم الغيب المكتوب فى اللوح المحفوظ فهم يكتبون منه ما يحكمون به؟ كلا ، لا هذا ولا ذاك ، إذا فالقوم معاندون ، فلم يبق إلا أن تصبر لحكم ربك ، وقد حكم بإمهالهم وتأخير نصرتك ، وهم إن أمهلوا فلن يهملوا.
ثم نهى رسوله أن يكون كيونس عليه السلام حين غضب على قومه ففارقهم ونزل إلى السفينة فابتلعه الحوت ودعا ربه وقال : «لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» وهو مملوء غيظا وحنقا.