لما علم من خبث طويّتهم ، وسوء استعدادهم وتماديهم فى الكفر وتدسيتهم أنفسهم بالآثام والمعاصي.
وفى الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن الله تعالى ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : وكذلك أخذ ربّك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إنّ أخذه أليم شديد».
ثم ذكر من الشبه ما ربما يكون هو المانع لهم عن قبول الحق فقال :
(١) (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) أي بل أتسأل أيها الرسول هؤلاء المشركين بالله على ما آتيتهم من النصيحة والدعوة إلى الحق أجرا دنيويا؟ فهم من غرم ذلك الأجر مثقلون بأدائه ، فتحاموا لذلك قبول نصيحتك ، وتجنبوا لعظم ما أصابهم من الغرم الدخول فى الدين الذي دعوتهم إليه.
وخلاصة ذلك ـ إن أمرهم لعجيب ، فإنك لتدعوهم إلى الله بلا أجر تأخذه منهم ، بل ترجو ثواب ذلك من ربك ، وهم مع ذلك يكذبونك فيما جئتهم به من الحق جهلا وعنادا.
(٢) (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) أي أم عندهم اللوح المحفوظ الذي فيه نبأ ما هو كائن ، فهم يكتبون ما يريدون من الحجج التي يزعمون أنها تدل على قولهم ، ويخاصمونك بما يكتبون من ذلك ، ويستغنون بذلك عن الإجابة لك ، والامتثال لما تقول.
ولما بالغ فى تزييف طريق الكافرين ، وزجرهم عما هم عليه ، أمر رسوله بالصبر على أذاهم فقال :
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) أي فاصبر على قضاء ربك وحكمه فيك وفى هؤلاء المشركين ، وامض لما أمرك به ، ولا يثنك عن تبليغ ما أمرت بتبليغه ـ تكذيبهم وأذاهم لك.