ولا عن غدرة ، ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن مسلمة الثقفي :
فإنى بحمد الله لا ثوب فاجر |
|
لبست ولا من غدرة أتقنّع |
والعرب تقول عن الرجل إذا نكث العهد ولم يف به : إنه لدنس الثياب ، وإذا وفى ولم يغدر ، إنه لطاهر الثوب ، قال السموأل بن عاديا اليهودي.
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه |
|
فكل رداء يرتديه جميل |
ولا تزال هذه المعاني مستعملة فى ديار مصر وغيرها فيقولون : فلان طاهر الذيل ، يريدون أنه لا يلامس أجنبية.
ويرى جمع من الأئمة أن المراد بطهارة الثياب : غسلها بالماء إن كانت نجسة ، وروى هذا عن كثير من الصحابة والتابعين ، وإليه ذهب الشافعي فأوجب غسل النجاسة من ثياب المصلى.
وقد استبان للمشتغلين بأصول التشريع وعلماء الاجتماع من الأوربيين أن أكثر الناس قذرا فى أجسامهم وثيابهم أكثرهم ذنوبا ، وأطهرهم أبدانا وثيابا أبعدهم من الذنوب ، ومن ثم أمروا المسجونين بكثرة الاستحمام ونظافة الثياب ، فحسنت؟؟؟ ، وخرجوا من السجون ، وهم أقرب إلى الأخلاق الفاضلة منهم إلى الرذائل.
وقال الأستاذ (بتنام) فى كتابه أصول الشرائع : إن كثرة الطهارة فى دين الإسلام مما تدعو معتنقيه إلى رقىّ الأخلاق والفضيلة إذا قاموا باتباع أوامره خير قيام.
ومن هذا تعلم السر فى قوله : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ).
(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) أي اهجر المعاصي والآثام الموصلة إلى العذاب فى الدنيا والآخرة فإن النفس متى طهرت منها كانت مستعدة للإفاضة على غيرها ، وأقبلت بإصغاء وشوق إلى سماع ما يقول الداعي.