(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) أي وتكون الجبال هشّة غير متلاحمة كأنها الصوف المنفوش إذا طيرته الريح ، روى عن الحسن : أنها تسير مع الرياح ثم تنهدّ ، ثم تصير كالعهن ، ثم تنهدّ فتصير هباء منثورا.
(وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) أي ولا يسأل قريب مشفق قريبا عن حاله ، ولا يكلمه لابتلاء كل منهما بما يشغله كما جاء فى قوله : «وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى» وقوله : «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» (يُبَصَّرُونَهُمْ) من قولك بصّرته بالشيء إذا أو ضحته له حتى يبصره ، أي يتعارفون ثم يفرّ بعضهم من بعض بعد ذلك ثم أرشد إلى هول ذلك اليوم فقال :
(يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ. وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ. وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ) أي يتمنى الكافر لو ينفع أعز الناس إليه فدية ، لينجيه من ذلك العذاب ، فيؤدّ لو كان أبناؤه أو زوجته أو أخوه أو عشيرته التي تضمه إليها ، أو أهل الأرض جميعا فداء له ليخلص من ذلك العذاب.
والخلاصة ـ يتمنى الكافر لو كان هؤلاء جميعا فى قبضة يده ليبذلهم فدية عن نفسه ، ثم ينجيه ذلك ـ هيهات.
(كَلَّا) أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض ، أو بأعزّ ما يجده من مال ولو بملء الأرض ذهبا ، أو بولده الذي كان حشاشة كبده فى الدنيا ، أو بزوجته وعشيرته.
(إِنَّها لَظى. نَزَّاعَةً لِلشَّوى. تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى. وَجَمَعَ فَأَوْعى) أي إنها النار الشديدة الحرارة التي تنزع جلدة الرأس وتفرقها ، ثم تعود إلى ما كانت عليه وأنشدوا قول الأعشى :
قالت قتيلة ماله |
|
قد جلّلت شيبا شواته |