(سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) الزعيم عند العرب الضامن والمتكلم عن القوم ، أي قل لهم من الكفيل بتنفيذ هذا؟
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) أي أم لهم ناس يشاركونهم فى هذا الرأى ، وهو التسوية بين المسلمين والمجرمين؟ وإن كان كذلك فليأتوا بهم إن كانوا صادقين فى دعواهم.
وقصارى هذا الحجاج ـ نفى جميع ما يمكن أن يتعلقوا به فى تحقيق دعواهم ، فنبه أوّلا إلى نفى الدليل العقلي بقوله : «ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» ثم إلى نفى الدليل النقلى بقوله : «أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ» ثم إلى نفى الوعد بذلك ـ ووعد الكريم دين عليه ـ بقوله : «أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا» ثم إلى نفى التقليد الذي هو أوهن من حبال القمر بقوله : «أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ».
(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) أي فليأتوا بهؤلاء الشركاء ليعاونوهم إذا اشتد الهول وعظم الأمر يوم القيامة.
وحينئذ يدعى هؤلاء الشركاء إلى السجود توبيخا لهم على تركهم إياه فى الدنيا فلا يستطيعون ، فتزداد حسرتهم وندامتهم على ما فرطوا فيه حين دعوا إليه فى الدنيا وهم سالمون أصحاء فلم يفعلوا.
(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أي يدعون إلى السجود وتكون أبصارهم خاشعة وتغشاهم ذلة فى ذلك اليوم ، وقد كانوا فى الدنيا متكبرين متجبرين ، فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه.
(وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) أي إنهم لما دعوا إلى السجود فى الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم وسلامة أبدانهم ، عوقبوا فى الآخرة بعدم قدرتهم عليه ، فإذا تجلى الرب سجد له المؤمنون ، ولم يستطع أحد من الكافرين والمنافقين