ولا أن تشكرونا لدى الناس : قال مجاهد وسعيد بن جبير : أما والله ما قالوه بألسنتهم ولكن علم الله به من قلوبهم فأثنى عليهم به ، ليرغب فى ذلك راغب
(٢) خوف يوم القيامة ، وإلى ذلك أشار بقوله :
(إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) أي إنا نفعل ذلك ليرحمنا ربنا ويتلقانا بلطفه فى ذلك اليوم العبوس القمطرير.
وبعد أن حكى عنهم أنهم أتوا بالطاعة لغرضين : طلب رضا الله ، والخوف من يوم القيامة ـ بيّن أنه أعطاهم الغرضين فأشار إلى الثاني بقوله :
(فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) أي فدفع الله عنهم ما كانوا فى الدنيا يحذرون من شر ذلك اليوم العبوس بما كانوا يعملون مما يرضى ربهم عنهم.
وأشار إلى الأول بقوله :
(وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) أي وأعطاهم نضرة فى وجوههم وسرورا فى قلوبهم ونحو الآية قوله : «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ. ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ».
وقد جرت العادة أن القلب إذا سرّ استنار الوجه ، قال كعب بن مالك : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه كأنه فلقة قمر ، وقالت عائشة رضى الله عنها : دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه ـ الحديث.
(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) أي وجزاهم بصبرهم على الإيثار وما يؤدى إليه من الجوع والعرى بستانا فيه مأكول هنى ، وحريرا منه ملبس بهى ، ونحو الآية قوله : «وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ»
(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤) وَيُطافُ عَلَيْهِمْ