وقد ذكرت هذه الأطوار فى سور كثيرة كسورة آل عمران وسورة المؤمنين وغيرهما.
وبعد أن ذكر النظر فى الأنفس أتبعه بالنظر فى العالم العلوي والسفلى فقال :
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) أي ألم تروا كيف خلق السموات متطابقة بعضها فوق بعض ، وجعل للقمر بروجا ومنازل وفاوت نوره ، فجعله يزداد حينا حتى يتناهى ، ثم يبتدئ ينقص حتى يستسر ليدل ذلك على مضىّ الشهور والأعوام ، وجعل الشمس كالسراج يزيل ظلمة الليل.
ونحو الآية قوله : «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ، ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ، يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ».
(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) أي والله أنبت أباكم آدم من الأرض كما قال : «إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ».
وقد يكون المعنى ـ إنه أنبت كل البشر من الأرض ، لأنه خلقهم من النطف وهى متوالدة من الأغذية المتوالدة من النبات المتوالد من الأرض.
وجعلهم نباتا لأنهم ينمون كما ينمو النبات ويلدون ويموتون ، وأيديهم وأرجلهم كأفرع النبات : وعروقهم المتشعبة فى الجسم والتي يجرى فيها الدم وينتشر فى الأطراف ، تشبه ما فى الشجر ، وأحوالهم مختلفة كأحوال النبات ، فمنه الحلو والمرّ والطيب والخبيث ، واستعدادهم مختلف كاستعداد النبات ، فلكل امرئ خاصة كما لكل نوع من النبات خاصة.
(ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) أي ثم يعيدكم فى الأرض كما كنتم ترابا ، ويخرجكم منها متى شاء أحياء كما كنتم بشرا.