قال أبو فلابة : يؤتون بالطعام والشراب ، فإذا كان فى آخر ذلك أتوا بالشراب الطهور ، فيشربون فتطهر بذلك بطونهم ، ويفيض عرق من جلودهم مثل ريح المسك.
ولم يذكر الكتاب ما يبين نوع ذلك الشراب ، فلندع أمره إلى الله ونؤمن به كما أخبر به فى كتابه.
وبعد أن شرح أحوال السعداء وما يلقونه من وافر النعيم الذي يتجلى فى مشربهم وملبسهم ومسكنهم ؛ بيّن أن هذا جزاء لهم على ما قدموا من صالح الأعمال ، وما زكّوا به أنفسهم من صفات الكمال فقال :
(إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) أي ويقال لهؤلاء الأبرار حينئذ : إن هذا الذي أعطيناكم من الكرامة كان لكم ثوابا على ما كنتم تعملون من الصالحات ، وكان عملكم فيها مشكورا ، حمدكم عليه ربكم ورضيه لكم ، فأثابكم بما أثابكم به من الكرامة.
والغرض من ذكر هذا القول لهم زيادة سرورهم ، فإنه إذا قيل للمعاقب : هذا بعملك الرديء ازداد غمه وألم قلبه ، وإذا قيل للمثاب : هذا بطاعتك وعملك الحسن ، ازداد سروره وكان تهنئة له :
ونحو الآية قوله : «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ» وقوله : «وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦)