النفوس بأحوال الدنيا ، ثم أمره بذكر ربه والانقطاع إليه بالعبادة ، وتفويض أموره كلها إليه.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) أي يا أيها النبي المتزمل بثيابه ، المتهيئ للصلاة ، دم عليها الليل كله إلا قليلا.
ثم فسر هذا القليل بقوله :
(نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أي إلا قليلا وهو النصف أو انقص من النصف أو زد على النصف إلى الثلثين ، فهو قد خير بين الثلث والنصف والثلثين.
وقصارى ذلك ـ أنه أمر أن يقوم نصف الليل أو يزيد عليه قليلا أو ينقص منه قليلا ، ولا حرج عليه فى واحد من الثلاثة.
وبعد أن أمره بقيام الليل للصلاة أمره بترتيل القرآن فقال :
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) أي اقرأه على تمهل ، فإنه أعون على فهمه وتدبره ، وكذلك كان صلوات الله عليه ، قالت عائشة رضى الله عنها : كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها ، وجاء فى الحديث : «زيّنوا القرآن بأصواتكم ، ولقد أوتى هذا مزمارا من مزامير آل داود ، يعنى أبا موسى الأشعري ، فقال أبو موسى : لو كنت أعلم أنك كنت تسمع قراءتى لحبّرته لك تحبيرا».
وأخرج العسكري فى كتابه المواعظ عن على كرم الله وجهه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال : بينه تبيينا ولا تنثره نثر الدّقل : (أردأ التمر) ولا تهذّه : (لا تسرع به) هذّ الشعر ، قفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة».
وعن عبد الله بن مغفل قال : «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح فرجّع فى قراءته» أخرجه الشيخان.