وعاد أهلكت بريح صرصر عانية سلطها عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة ، فصاروا صرعى كأنهم أصول نخل جوفاء ، لم يبق منهم ديّار ، ولا نافخ نار ؛ وكذلك أهلك فرعون وقومه بالغرق ، وقوم لوط بالزلزال الشديد الذي قلب قراهم وجعل عاليها سافلها ، وأهلك قوم نوح بالطوفان.
الإيضاح
(الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ؟) هذا أسلوب من الكلام يفيد التفخيم والمبالغة فى الغرض الذي يساق له ، فكأنه قيل : أي شىء هى فى حالها وصفتها؟ فهى لا تحيط بها العبارة ، ولا يبلغ حقيقتها الوصف.
ثم زاد سبحانه فى تفظيع شأنها ، وتفخيم أمرها ، وتهويل حالها فقال :
(وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ؟) أي أىّ شىء أعلمك ما هى؟ فهى خارجة عن دائرة علوم المخلوقات ، لعظم شأنها ، ومدى هولها وشدتها ، فلا تبلغها دراية أحد ولا وهمه ، فكيفما قدرت حالها ، فهى فوق ذلك وأعظم.
قال سفيان بن عيينة : كل ما فى القرآن قال فيه : وما أدراك ، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر به ، وكل شىء قال فيه : وما يدريك ، فإنه لم يخبر به.
ثم ذكر بعض الأمم التي كذبت بها ، وما حاق بها من العذاب فقال :
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) أي كذبت ثمود وعاد بالقيامة التي تقرع الناس بالفزع والهول ، والسماء بالانفجار ، والأرض والجبال بالنسف ، والنجوم بالطمس والانكدار.
ثم فصل ما نزل بكل أمة من العذاب فقال :
(١) (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) أي فأما ثمود فأهلكهم الله بصيحة جاوزت الحد فى الشدة كما جاء فى هود «وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ» وهى الصاعقة التي جاءت فى حم السجدة ، والرجفة والزلزلة التي جاءت فى سورة الأعراف ، فلا تعارض