(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) أي ودّ المشركون لو تلين لهم فى دينك بالركون إلى آلهتهم ، فيدينون لك فى عبادة إلهك.
روى أن رؤساء مكة دعوة إلى دين آبائه فنهاه عن طاعتهم.
وخلاصة ذلك ـ ودوا لو تترك بعض ما أنت عليه مما لا يرضونه مصانعة لهم ، فيفعلون مثل ذلك ، ويتركون بعض ما لا ترضى ، فتلين لهم ويلينون لك ، وترك بعض الدين كله كفر بواح.
والمراد من هذا النهى التهييج والتشدد فى المخالفة والتصميم على معاداتهم.
ونحو الآية قوله : «وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً. إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ، ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً».
ثم خص من هؤلاء المكذبين أصنافا هانت عليهم نفوسهم فأفسدوا فطرتها ، تشهيرا بهم فقال :
(١) (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ) أي ولا تطع المكثار من الحلف بالحق وبالباطل.
والكاذب يتقى بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على الله ـ ضعفه ومهانته أمام الحق ، وفيه دليل على عدم استشعاره الخوف من الله.
والكذب أسّ كل شر ، ومصدر كل معصية ، وكفى مزجرة لمن اعتاد الحلف ، أن جعله الولي فاتحة المثالب ، وأسّ المعايب.
(٢) (مَهِينٍ) أي محتقر الرأى والتفكير.
(٣) (هَمَّازٍ) أي عيّاب طعّان يذكر الناس بالمكروه ، وينال من أعراضهم بذكر مثالبهم.
(٤) (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) أي نقال للحديث من قوم إلى قوم على وجه الإفساد بينهم.
وأصل النميمة الحركة الخفيفة ؛ ومنه أسكت الله نأمنه أي ما ينمّ عليه من حركته.