والاستغشاء بالثياب ، والإصرار على الكفر ، والاستعظام عن سماع الدعوة.
(٢) جاهرهم بالدعوة ، وأعلنهم على وجه ظاهر لا خفاء فيه.
(٣) جمع بين الإعلان والإسرار.
ثم بين ما كان يقول لهم فقال :
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) أي فقلت لهم : سلوا ربكم غفران ذنوبكم ، وتوبوا إليه من كفركم وعبادة ما سواه من الآلهة ، ووحدوه وأخلصوا له العبادة.
(إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) لذنوب من أناب إليه وتاب منها ، متى صدقت العزيمة ، وخلصت النية ، وصحت التوبة ، فضلا منه وجودا ، وإن كانت كزيد البحر.
ولما كان الإنسان مجبولا على محبة الخيرات العاجلة كما قال : «وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ» لا جرم أعلمهم أن إيمانهم بالله يجمع لهم إلى الحظ الأوفر فى الآخرة ، الخصب والغنى وكثرة الأولاد فى الدنيا ، ومن ثم وعدهم بخمسة أشياء :
(١) (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) أي يرسل المطر عليكم متتابعا ، فتزرعون ما تحبون ، ويكثر الخصب والغلات النافعة لكم فى معاشكم ، من حبوب وثمار ، وتحدث لكم طمأنينة وأمن وراحة لتوافر ما تشتهون ، مما هو سبب السعادة والهدى.
(٢) (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ) أي ويكثر لكم الأموال والخيرات على سائر ضروبها واختلاف ألوانها.
(٣) (وَبَنِينَ) أي ويكثر لكم الأولاد ؛ فقد ثبت لدى علماء الاجتماع أن النسل لا يكثر فى أمة إلا إذا استتب فيها الأمن ، وارتفع منها الظلم ، وساد العدل بين الأفراد ، وتوافرت لهم وسائل الرزق.
وأصدق شاهد على هذا الأمة المصرية ، فقد كانت فى عصر المماليك فى القرن السابع عشر الميلادى ، أيام الظلم والعسف والجبروت ، فى فقر وضنك ، وسلب ونهب ، فتدهور عدد سكانها حتى بلغ الثلاثة الملايين.