شرح المفردات
بالغيب : أي غائبين عن أعين الناس ، بذات الصدور : أي بما فى النفوس ، واللطيف : هو العالم بالأشياء التي يخفى علمها على العالمين ، ومن ثم يقال : إن لطف الله بعباده عجيب ، ويراد به دقائق تدبيره لهم ، الخبير : أي بظواهر الأشياء وبواطنها ، ذلولا : أي سهلة منقادة يسهل عليكم السير فيها والانتفاع بها وفيما فيها ، والمناكب : واحدها منكب ، وهو مجتمع ما بين العضد والكتف ، والمراد طرقها وفجاجها ، النشور : أي المرجع بعد البعث.
المعنى الجملي
بعد أن أوعد الكفار بما أوعد ، وبالغ فى ترهيبهم بما بالغ ـ وعد المؤمنين بالمغفرة والأجر الكريم ، ثم عاد إلى تهديد الكافرين بأنه عليم بما يصدر منهم فى السر والعلن ، وأقام الدليل على ذلك بأنه هو الخالق ، فلا يخفى عليه شىء من أمرهم ، بل يصل علمه إلى ظواهر أمورهم وبواطنها ، ثم عدد نعماءه عليهم ، فذكر أنه عبّد لهم الأرض وذللها لهم ، وهيأ لهم فيها منافع من زروع وثمار ومعادن ، فليتمتعوا بما أوتوا ثم إلى ربهم مرجعهم ، وإليه بعثهم ونشورهم.
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) أي إن الذين يخافون مقام ربهم فيما بينهم وبينه إذا كانوا غائبين عن أعين الناس ، فيكفون أنفسهم عن المعاصي ، ويقومون بطاعته حيث لا يراهم إلا هو ، مراقبين له فى السر والعلن ، واضعين نصب أعينهم ما جاء فى الحديث : «اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» يكفر عنهم ما ألمّوا به من الذنوب والآثام ، ويحزيهم جزيل