«صليت خلف ابن عباس فقرأ فى أول ركعة بالحمد لله رب العالمين وأول آية من البقرة ثم ركع ، فلما انصرفنا أقبل علينا فقال : إن الله يقول : «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ» أخرجه الدار قطنى والبيهقي فى سننه.
ثم ذكر أعذارا أخرى تسوّغ هذا التخفيف فقال :
(عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي علم سبحانه أنه سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار لا يستطيعون معها القيام بالليل كمرض وضرب فى الأرض ابتغاء الرزق من فضل الله ، وغزو فى سبيل الله ؛ فهؤلاء إذا لم يناموا فى الليل تتوالى عليهم أسباب المشقة ويظهر عليهم آثار الجهد ، وفى هذا إيماء إلى أنه لا فرق بين الجهاد فى قتال العدوّ والجهاد فى التجارة لنفع المسلمين.
قال ابن مسعود : أيّما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن الإسلام صابرا محتسبا ، فباعه بسعر يومه ، كان عند الله من الشهداء ، ثم قرأ قوله تعالى : «وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ».
وأخرج البيهقي فى شعب الإيمان عن عمر رضى الله عنه قال : ما من حال يأتينى عليه الموت بعد الجهاد فى سبيل الله أحب إلىّ من أن يأتينى ، وأنا بين شعبتى جبل ألتمس من فضل الله ، وتلا : «وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ».
ولما ذكر سبحانه ثلاثة أسباب مقتضية للترخيص ورفع وجوب القيام عن هذه الأمة ـ ذكر ما يفعلونه بعد هذا الترخيص فقال :
(فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) أي من القرآن ، والمراد صلّوا كما تقدم.
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) أي وصلّوا الصلاة