وهى قليلة المدى ، وسنستنّ بكم سنة من قبلكم من مجرمى الأمم الخالية التي متعت إلى حين ، ثم انتقمنا منهم بكفرهم وتكذيبهم لرسلنا.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين عرضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل ، وكذبوا بما أخبرهم الله أنه فاعل بهم.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) أي وإذا قيل لهؤلاء المكذبين اعبدوا الله وأطيعوه واخشوا يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ، استكبروا وأصروا على عنادهم.
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ثقيفا بالصلاة ، فقالوا لا نحبوا (لا نركع) فإنها سبّة علينا ، فقال عليه السلام «لا خير فى دين ليس فيه ركوع ولا سجود».
وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال : إنما يقال هذا فى الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون ، من جراء أنهم لم يكونوا يسجدون فى الدنيا.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بأوامر الله ونواهيه.
وبعد أن بالغ فى زجر الكفار بما تقدم ذكره ، وحث على الانقياد للدين الحق ختم السورة بالتعجيب من هؤلاء المشركين الذين لم يسمعوا نصيحة الداعي ، ولم يتبعوا عظاته ، وما فيه رشدهم وصلاحهم فى آخرتهم ودنياهم فقال :
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ؟) أي إذا لم يؤمنوا بهذه الدلائل على تجلّيها ووضوحها ، فبأىّ كلام بعد هذا يصدقون؟
فالقرآن الكريم جامع لأخبار الدارين ، مبين لأحوال النشأتين على نمط بديع تؤيده الحجج القاطعة ، وتدعمه البراهين الناطقة.
وقصارى ذلك ـ إن القرآن قد اشتمل على البيان الشافي والحق الواضح ، فما بالهم لا يبادرون إلى الإيمان به قبل الفوت وحلول الموت ، وعدم الانتفاع بعسى ولعلّ وليت.
والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله أجمعين.