(١) أنه لا بد من الجزاء على صالح الأعمال وسيئها ، وثواب كل عامل بما يستحق وإلا تساوى المطيع والعاصي ، وذلك لا يليق بالحكيم العادل جل وعلا.
(٢) أنه كما قدر على الخلق الأول وأوجد الإنسان من منىّ يمنى ، فأهون عليه أن يعيده خلقا آخر!
الإيضاح
(كَلَّا) ردع وزجر : أي ازدجروا وتنبهوا إلى ما بين أيديكم من الموت ، فأقلموا عن إيثار الدنيا على الآخرة ، فستنقطع الصلة بينكم وبينها وتنتقلون إلى الدار الآخرة التي ستكونون فيها مخلّدين أبدا.
ثم وصف الحال التي تفارق فيها الروح الجسد فقال :
(إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) أي إذا بلغت الروح أعالى الصدر ، وأشرفت النفس على الموت ، قال دريد بن الصّمّة :
وربّ عظيمة دافعت عنها |
|
وقد بلغت نفوسهم التراقى |
والعرب تحذف من الكلام ما يدل عليه يقولون أرسلت : يريدون أرسلت السماء المطر ، ولا تكاد تسمعهم يقولون : أرسلت السماء ، قال حاتم يخاطب زوجه :
أماوىّ ما يغنى الثراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر |
ونحو الآية قوله : «فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ. وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ».
(وَقِيلَ مَنْ راقٍ؟) أي وقال أهله : من يرقيه ليشفيه مما نزل به؟ قال قتادة : التمسوا له الأطباء فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئا ، وقال أبو قلابة : ومنه قول الشاعر :
هل للفتى من بنات الموت من واقى |
|
أم هل له من حمام الموت من راقى |
(وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ) أي وأيقن المحتضر أن ما نزل به نذير الفراق من الدنيا والمال والأهل والولد ، وسمى هذا اليقين ظنّا ؛ لأن المرء مادامت روحه معلقة ببدنه