يطمع فى الحياة لشدة حبه لهذه العاجلة كما قال : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) فلا يحصل له يقين الموت ، بل الظن الغالب مع رجاء الحياة.
(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) أي التوت ساقه بساقه فلا يقدر على تحريكهما ، قال قتادة : أما رأيته إذا أشرف على الموت يضرب برجله على الأخرى ، وقال ابن عباس : المراد التفّت شدة فراق الدنيا بشدة خوف الآخرة واختلطتا ، فالتفّ بلاء ببلاء ، والعرب تقول لكل أمر اشتد ، شمّر عن ساقه ، وكشف عن ساقه ، قال النابغة الجعدي :
أخو الحرب إن عضّت به الحرب عضّها |
|
وإن شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا |
(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) أي إلى خالقك يوم القيامة المرجع والمآب ، والمراد إنك صائر إلى جنة أو نار.
وجواب إذا وتمام الجملة يقدر بنحو قولنا ـ انكشفت للمرء حقيقة الأمر ، أو وجد ما عمله من خير أو شر حاضرا بين يديه.
ثم ذكر ما كان قد فرط منه فى الدنيا فقال :
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى. وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أي فما صدّق بالله ووحدانيته ، بل اتخذ الشركاء والأنداء وجحد كتبه التي أنزلها على أنبيائه ، وما صلى وأدّى فرائضه التي أوجبها عليه ، بل أعرض وتولى عن الطاعة.
(ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) أي ليته اقتصر على الإعراض والتولّى عن الطاعة بل هو قد ذهب إلى أهله جذلان فرحا ، يمشى الخيلاء متبخترا.
والخلاصة ـ إن هذا الكافر كان فى الدنيا مكذبا للحق بقلمه ، متوليا عن العمل بجوارحه ، معجبا بما فعل ، فلا خير فيه لا باطنا ولا ظاهرا ثم هدده وتوعده فقال :
(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) أي ويل لك مرة بعد أحرى ، وأهلكك الله هلاكا أقرب لك من كل شر وهلاك