ومنها (حادي عشر) أن هناك ما يشير إلى أن يوسف قد حمل إلى مصر ، حيث كانت تجارة الرقيق من البنين والبنات الأسيويين تلقي يومئذ رواجا دلّ عليه ما كشفت عنه بردية في متحف بروكلين (١) بالولايات المتحدة الأمريكية ، فقد جاء فيها ذكر ما يربو على أربعين أسيويا من نيف وثمانين ، كانوا يعملون خدما في بيت واحد من عصر الأسرة الثالثة عشرة قبل مجيء الهكسوس ، ولم يكن من سبيل بحكم ما هو معروف من تاريخ تلك الفترة ، وأحوال مصر المتواضعة ، أن يكون هؤلاء مع إخوان لهم في بيوت أخرى ، من أسرى الحرب في زمان لم تقع فيه حروب (٢).
وأما عدم ذكر «يوسف» في الآثار المصرية ، رغم أنه شغل منصب الوزير للملك ، فهذه ـ فيما أظن ـ هذا الرأي ولا ننقضه ، إذ لو كان يوسف عاش في غير عصر الهكسوس ، لكان من الممكن أن نعثر على دليل أثري يؤيد وجوده ، أو على الأقل يشير إلى الأحداث التي روتها التوراة ، ذلك لأن التاريخ المصري ، رغم أنه يمتاز على تاريخ الشرق الأدنى القديم بوضوحه وكثرة آثاره ، فإن عصر الهكسوس بالذات يمتاز بالغموض ، بل إنه ليعد واحدا من أغمض فترات التاريخ المصري القديم ، ذلك لأن المصريين ما كانوا براغبين في تسجيل ذكرى هذا العصر البغيض إلى نفوسهم (٣) ، بل إنهم لم يحاولوا حتى الإشارة إليه إلا على أيام الملكة «حتشبسوت» (٤) ، (١٤٩٠ ـ ١٤٦٨ ق. م) ، هذا فضلا عن تدميرهم لآثار الهكسوس بعد نجاحهم في طردهم وتحرير البلاد من سيطرتهم.
أضف إلى ذلك كله ، أن يوسف ، على الرغم من أنه كان ذا مكانة في
__________________
(١) ١٩٥٥. W. C. Hayes Apapyrus of the Late middle Kingdom in the Brooklyn museum
(٢) أحمد عبد الحميد يوسف : المرجع السابق ص ٤٣.
(٣) أنظر : كتابنا «حركات التحرير في مصر القديمة» ص ١٠٣ ـ ١٠٦.
(٤) أنظر : A.Gardiner JEA , ٤٨ ـ ٤٥.p ، ١٩٤٦ ، ٣٢.