(يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ ، إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) بينما تنعى التوراة على موت يوسف «لا ينزل ابني معكم ، لأن أخاه (أي يوسف) قد مات ، وهو وحده باق».
ومنها (رابع عشر) أن القرآن وحده هو الذي يشير إلى أن يوسف قد تنبأ بعام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ، بعد سبع سنوات من القحط (١) ، ومنها (خامس عشر) أن القرآن وحده هو الذي يشير إلى أن يوسف بعد أن فسر الحلم لملك مصر ، ورسم له الطريق الصحيح للخروج من الأزمة بسلام ، رفض في إباء وشمم أن يقبل المنصب الخطير الذي عرض عليه ، حتى يتحقق الملك ورجاله ـ بل والناس جميعا ـ من براءته ونزاهة عرضه ، مما نسب إليه بشأن امرأة العزيز ، وكان سببا في أن يلبث في السجن بضع سنين ، (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) (٢) ، والآية الكريمة تفيد أن يوسف لم يشأ أن يقال عنه مجرم سرّ منه الملك ، فعفا عن جريمته وأخرجه من السجن ، وتجيء الشواهد كلها ـ بعد بحث دقيق ـ بعفة الصديق وطهارته ، وعندئذ يتقدم الصديق في ثقة وثبات ، (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ، وهكذا يتحمل يوسف المسئولية كاملة في صدق وشجاعة ، وينجح آخر الأمر في أن يرسي السفينة على مرفإ الأمن والسلامة (٣) ، والأمر عكس ذلك تماما في التوراة ، فما أن يفسر الصديق الحلم للملك ، وما أن يعرض الملك الأمر عليه ، حتى يقبله فورا (٤).
__________________
(١) سورة يوسف : آية ٤٧ ـ ٤٩.
(٢) سورة يوسف : آية ٥٠ ، وأنظر : تفسير الطبري ١٦ / ١٣٣ ـ ١٣٧.
(٣) سورة يوسف : آية ٤٦ ـ ٥٧.
(٤) تكوين ٤١ : ٣٧ ـ ٤٦.