ويتصل الجدل والحوار بين الرجلين ، النبي والملك ، (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ، قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ، قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ ، قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ، قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ، قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ، قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ، قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ، قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ ، وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) (١) ، وكانت هذه مفاجأة ضخمة لفرعون وملئه ، فالعصا (٢) تنقلب إلى ثعبانا لا شك في ثعبانيته ، ثم إن
__________________
(١) سورة الشعراء : آية ٢٣ ـ ٣٣.
(٢) هناك عدة روايات بشأن عصا موسى هذه ، منها (أولا) أن شعيبا كانت عنده عصى الأنبياء ، فأمر موسى أن يأخذ له واحدة منها ، فأخذ موسى عصا هبط بها آدم من الجنة ولم تزل الأنبياء تتوارثها حتى وقعت إلى شعيب ، فضنّ بها شعيب على موسى وطلب أن يأخذ غيرها ، فما وقع في يده غيرها سبع مرات فعلم أن له معها شأنا ، وروى أن شعيبا أمر ابنته أن تأتي لموسى بعصا ، فلما أتته بها قال ائته بغيرها ، فلما أرادت أن تأخذ غيرها لم يقع في يدها غيرها ، فلما رآها الشيخ رضى ، ثم ندم وخرج يطلب موسى ، لكن موسى رفض أن يعطيه إياها ، ثم اتفقا على أن يحتكما إلى أول من يلقاهما ، فلقيهما ملك فقضى بأن يضعوها على الأرض فمن حملها فهي له ، فلم يستطع الشيخ حملها ، وأخذها موسى بسهولة ، فتركها له الشيخ ، ومنها (ثانيا) رواية تقول أنه كان في دار بيرون ابن أخي شعيب بيت لا يدخله إلا هو وابنته التي تزوجها موسى ، وكان في ذلك البيت ثلاث عشرة عصا ، وكان له أحد عشر ولدا ، فأخذ كل واحد منهم عصا ، ثم احتاج موسى عصا ، ولم يجد أهله في الدار ، فدخل البيت وأخذ تلك العصا ، فلم علم بيرون بما حدث فرح وقال لابنته : إن زوجك هذا نبي ، وأن له مع هذه العصا لشأنا ، ومنها (ثالثا) رواية تقول إن موسى كان يرعى غنم حميه فنام ، وإذا بالتنين قد جاء فقامت عصا موسى فقتلته وعادت وهي دامية ، فلما استيقظ موسى ورأى العصا دامية والتنين مقتولا ، أرتاح وعلم أن في تلك العصا آية ، فأخبر حميه بالقصة ففرح وعلم أن لهذه العصا شأنا ، وأراد أن يكافئ موسى على حسن رعيه وصلته لابنته ، فوهب له كل أبلق وبلقاء تضعها أغنامه في تلك السنة ، فأوحى الله إلى موسى أن أضرب بعصاك الماء الذي تسقي الغنم منه ، فوضعت جميعها ما بين أبلق وبلقاء ، فعلم شعيب أن هذا رزق ساقه الله لموسى وزوجته فوفي له شرطة ، ومنها (رابعا) رواية تقول إن هذه العصا عصا آدم وأن جبريل أخذها ـ