وتروي البردية في قصة سنفرو ـ رأس الأسرة الرابعة ـ وفتيات القصر ، أن الملك إنما كان قد أحس ذات يوم ضيقا في الصدر ، وحزنا في النفس ، فأشار عليه كاهنه «جا جام عنخ» بالنزول إلى بحيرة القصر ، مع عشرين فتاة من الغيد الحسان من فتيات قصره ، يجدفن ويغنين ، وقد فعل الملك ، فتسربت إليه البهجة وسرى إلى نفسه السرور ، بما شهد من فتيات ليس عليهم من اللباس إلا ثياب من شبك لا تكاد تستر شيئا ، وبما سمع من غنائهن ، وهن يسرن به في أمواه البحيرة وسط الخمائل والأغصان ، لو لا ما رأى من توقفهن عن التجديف ، لما شكت إحداهن من سقوط حليّة لها في الماء وإصرارها على الحصول على حليتها لا ترضى عنها بديلا ولا عوضا من الملك.
وسرعان ما استدعى الكاهن «جا جام عنخ» على عجل ، فما أن علم بالخبر ، حتى قرأ من عزائم السحر ، الذي انشقت له مياه البحيرة ، حيث انطوت نصف على نصف ، فأصبح ارتفاع ماء البحيرة أربعة وعشرين ذراعا في أحد الجانبين ، بعد أن كان اثنى عشر فقط ، ورأوا في قاع البحيرة تلك الحلية ، وقد استقرت فوق قطعة مكسورة من فخار ، فأشار إليها الكاهن ثم سلمها إلى صاحبتها.
وتروي البردية ـ مرة ثالثة ـ في قصة الساحر «ددي» الذي بلغ من سحره أن يلحم الرأس المقطوع ، ويذلل الأسد لإرادته ، أن قد دعى إلى حضرة الملك «خوفو» ، حيث عرض سحره عليه ، وأوقعه بأوزة ثم ثور ، فصل رأس كل منهما ، ثم ما زال يقرأ من عزائمه ، والرأس يقترب من الجسد حتى التحما وعادت الحياة إلى كل منهما ، ثم أعاد التجربة مرة ثانية في بطة ، ثم في ثور ، فنجح في ذلك كله (١).
__________________
(١) جوستاف لفيقر : المرجع السابق ص ١٤٧ ـ ١٥١ ، أحمد فخري : المرجع السابق ص ٣٩٨ ـ ٤٠٠ ، سليم حسن : المرجع السابق ص ٨١ ـ ٨٣ ، أحمد عبد الحميد يوسف المرجع السابق ص ١٠٥ ـ ١٠٦.