فأرسل الله عليهم الطوفان وهو المطر ، فصب عليهم منه شيئا خافوا أن يكون عذابا ، فقالوا أدع لنا ربك يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا ربه فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل ، فأنبت لهم في تلك السنة شيئا لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمار والكلأ ، فقالوا هذا ما كنا نتمنى ، فأرسل الله عليهم الجراد فسلطه على الكلأ ، فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنه لا يبقي الزرع ، فقالوا يا موسى أدع لنا ربك فيكشف عنا الجراد ، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا ربه فكشف عنهم الجراد ، فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل ، فداسوا وأحرزوا في البيوت فقالوا قد أحرزنا ، فأرسل الله عليهم القمل ، وهو السوس الذي يخرج منه ، فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحى فلا يرد منها إلا ثلاثة أقفرة ، فقالوا يا موسى أدع لنا ربك يكشف عنا القمل فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل ، فبينما هو جالس عند فرعون إذ سمع نقيق ضفدع ، فقال لفرعون ما تلقى أنت وقومك من هذا ، فقال وما عسى أن يكون كيد هذا ، فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع ، ويهم أن يتكلم فيثب الضفدع في فيه ، فقالوا يا موسى أدع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ، وأرسل الله عليهم الدم فكانوا ما استقروا من الأنهار والآبار وما كان في أوعيتهم وجدوه دما عبيطا ، فشكوا إلى فرعون فقالوا إنا قد ابتلينا بالدم وليس لنا شراب ، فقال إنه قد سحركم ، فقالوا : من أين سحرنا ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئا من الماء إلا وجدناه دما عبيطا ، وقالوا يا موسى أدع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل» (١).
__________________
(١) مختصر تفسير ابن كثير ٢ / ٤٥ ـ ٤٦.