وعلى أية حال ، فإن الكوارث التي جاءت في القرآن الكريم وترددت في التوراة ، على أنها لحقت بمصر سنين عددا ، فأصيبت البلاد بالقحط والعلل والآفات ، إنما تصدقها أحداث التاريخ ، فمصر لم تكن ، كما رأينا من قبل ، بمنجاة مما قد ينزل بها من كوارث ، فربما انحبس النيل فصوّح الزرع ، أو زاد فأغرق البلاد بطوفان عظيم ، وهو على الحالين ، كما يدمنا ، نذير النوازل ونقص في الثمرات ، فإذا وقعت الواقعة انتشرت بها الأدواء والأوبئة ، فحصدت الناس حصدا يعجزهم عن تشييع موتاهم إلى القبور ، وقد حدث مثل ذلك على أيام الثورة الاجتماعية ، وفي أخريات أيام الأسرة العشرين ، كما حدثنا «إيبو ـ ور» عن الأولى ، وكما تحدثت وثائق أخريات أيام الدولة الحديثة عن عام اشتد فيه الجوع بالناس ، حتى سموه «عام الضياع» (١).
على أن الأمر هنا ، بين موسى وفرعون ، فيما نعتقده ونؤمن به ، إنما هو معجزة نبي ، وبدهي أنه ليس بالضرورة أن تتفق المعجزات مع بعض أحداث في التاريخ ، فإذا ما كان لها صدى في هذه الأحداث التاريخية ، فإن ذلك تصديقا لهذه الأحداث ، وليس للمعجزات ، والتي سوف نتحدث عنها بالتفصيل عند حديثنا عن انقلاب البحر لموسى عليهالسلام ، وعلى أي حال ، فالواضح من نصوص التوراة وآي الذكر الحكيم أن البلاد قد أصيبت في تلك الفترة بالقحط والجدب ، ونقصت ثمراتها بالجوائع الجوية والآفات السماوية ، وغرقت أرضها بطوفان ، وهجمت عليها جيوش جرارة من الجراد تجتاح الأخضر واليابس ، وامتلأ الجو بالبعوض ، وكثر «الدبا» في الأرض ، وكذا الضفادع التي نغصت على الناس حياتهم ، فكانوا يجدونها في كل
__________________
(١) محمد بيومي مهران : مصر والعالم الخارجي في عصر رعمسيس الثالث ص ٣٥٧ ـ ٣٥٩ ،
٩٥.p ، ١٩٢٧ Erman ,LAE وكذا A وكذا ١٧٧ ـ ١٧٣.p ، ١٩٣٣ ، ٦. J.Cerny ,AO ,
وكذا