مصر فحسب ، ومن هنا لعلنا نعرف قدر الطاقة ، هل خرج بنو إسرائيل من مصر راغبين أم مكرهين؟
إن التوراة تزخر بالنصوص التي تدل على أن دعوة موسى عليهالسلام ، إنما كانت تهدف إلى إخراج بني إسرائيل من مصر ، وإطلاق سراحهم من عبودية المصريين ، يبدو هذا واضحا خاصة من الإصحاحات العشرة الأولى من سفر الخروج (١) ، ومن ثم فالهدف من دعوة موسى ، كما تصورها التوراة ، إنما هو إخراج بني إسرائيل من مصر ، وأن يقيهم شر العذاب المهين الذي كانوا يتعرضون له في أرض الكنانة.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن القول بأن موضوع رسالة موسى إنما كان إطلاق بني إسرائيل من عبودية فرعون وقومه ، إنما هو أمر يقرره القرآن الكريم في عدة سور ، من ذلك قول الله تعالى : (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ، حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢) ، وقوله تعالى : (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ) (٣) ، وقوله تعالى : (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) (٤) ، ويقول صاحب الظلال : وواضح من هذا أن موسى عليهالسلام لم يكن رسولا إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى دينه ويأخذهم بمنهج رسالته ، إنما كان رسولا إليهم ليطلب إطلاق بني إسرائيل ليعبدوا ربهم كما يريدون ، وقد كانوا أهل دين منذ أبيهم إسرائيل ، وهو يعقوب أبو يوسف
__________________
(١) أنظر : خروج ٣ / ٧ ـ ١١ ، ٥ / ١ ـ ٥ ، ١٠ ـ ١٣ ، ٢٦ ـ ٧ / ٢ ـ ٥ ، ١٤ ، ٨ / ١ ـ ٢ ، ٢٠ ـ ٣٢ ، ٩ / ١ ـ ٢ ، ١٣ ، ١٧ ، ٢٨ ، ٣٥ ، ١٠ / ٣ ، ٧ ـ ١١ ، ٢٠.
(٢) سورة الأعراف : آية ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٣) سورة طه : آية ٤٧.
(٤) سورة الشعراء : آية ١٦ ـ ١٧.