عليهماالسلام، فبهت هذا الدين في نفوسهم ، وفسدت عقائدهم ، فأرسل الله إليهم موسى لينقذهم من ظلم فرعون ، ويعيد تربيتهم على دين التوحيد ، ويقول في مكان آخر من تفسيره أن موضوع رسالتهما (أي موسى وهارون) (فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ) ، ففي هذه الحدود كانت رسالتهما إلى فرعون ، لاستنقاذ بني إسرائيل ، والعودة بهم إلى عقيدة التوحيد ، وإلى الأرض المقدسة التي كتب الله لهم أن يسكنوها إلى أن يفسدوا فيها فيدمرهم تدميرا (١).
ويقول أبو حيان في بحره المحيط في تفسير آية الأعراف (١٠٥) لم يطلب موسى من فرعون في هذه الآية إلا إرسال بني إسرائيل معه ، وفي غيرها دعاه إلى الإقرار بتوحيد الله وربوبيته ، قال تعالى : (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى ، وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) (٢) ، وكل بدعوته إلى توحيد الله ، وقوله تعالى حكاية عن فرعون : (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) (٣) فهذا ونظائره دليل على أنه طلب منه الإيمان ، خلافا لمن قال إن موسى لم يدعه إلى الإيمان ، ولا إلى التزام شرعه ، وليس بنو إسرائيل من قوم فرعون ولا من المصريين (القبط) ، ألا ترى أن بقية المصريين ، وهم الأكثر ، لم يرجع إليهم موسى (٤).
وعودا على بدء ، عودا إلى التوراة ، حيث نرى اتجاه النصوص يتغير عند ما يعلن فرعون موافقته على رغبة موسى بإطلاق الرجال من بني إسرائيل ليعبدوا للرب إلههم في البرية ، غير أن موسى لا يرضى إلا أن يخرج
__________________
(١) في ظلال القرآن ٤ / ٢٣٣٧ ، ٥ / ٢٥٩٠.
(٢) سورة النازعات : آية ١٨ ـ ١٩.
(٣) سورة المؤمنين : آية ٤٧.
(٤) تفسير البحر المحيط ٤ / ٣٥٦.