الإسرائيليون جميعا ، بل حتى الغنم والبقر ، وهنا يرفض الفرعون ، وإن كان لا يمضي طويل وقت حتى يوافق على خروج بني إسرائيل جميعا ، وإن استثنى من ذلك الأغنام والأبقار ، غير أن موسى لا يقبل إلا بخروج أغنامهم وأبقارهم معهم ، لأن بني إسرائيل ، فيما ترى توراتهم ، ما كانوا بقادرين على عبادة ربهم بدون مواشيهم (١) ، ويصر الفرعون على رأيه ، وهنا تبدأ التوراة لا تتحدث عن خروج بني إسرائيل من مصر ، وإنما تتحدث عن طردهم (٢) ، كما تبدأ النصوص التوراتية تخطط لسرقة المصريين (٣) ، وعن البلاياء التي نزلت بمصر مما اضطر فرعون إلى أن يوافق على خروج الإسرائيليين بأغنامهم وأبقارهم (٤) ، وهنا لا يتورع كتبة التوراة أن يدونوا في نصوصها أن مشروع سرقة المصريين الذي كان قد دبر بليل ، إنما قد تم تنفيذه الآن «وأعطي الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم ، أمتعة فضة وأمتعة ذهب ، فسلبوا المصريين (٥)» ، وأن هذا قد تم برضى من موسى وبأمر منه ، وفي الحقيقة أن الإساءة إلى الأنبياء الكرام من بني إسرائيل أنفسهم ، أمر معروف في التوراة ، ونظائره كثيرة.
وأيا ما كان الأمر ، فإن نصوص التوراة تشير إلى أن الخروج إنما قد تم بأمر فرعون وموافقته ، بل إنها تشير صراحة إلى أن بني إسرائيل قد أكرهوا على الخروج من مصر (٦) ، أو على الأقل ، فإنهم لم يكونوا جميعا راضين عن الخروج ، إذ وافق عليه فريق ، وأنكره آخرون ، إلا أن الغلبة إنما كانت
__________________
(١) خروج ١٠ / ٩ ـ ١١ ، ٢٤ ـ ٢٦ ، ١١ / ١ ـ ٢.
(٢) خروج ٦ / ١.
(٣) خروج ١١ / ١ ـ ٣.
(٤) خروج ١٢ / ٢٩ ـ ٣٣.
(٥) خروج ١٢ / ٣٤ ـ ٣٦.
(٦) خروج ١٢ / ٣٩.