المصريين ، ونظر إسرائيل المصريين أمواتا على شاطئ البحر ، ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين ، فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى» (١).
هذا فضلا عن أن ذلك يتعارض مع قول الله تعالى ، على لسان موسى : (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً) ، وما ورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد وابن أبي حاتم وابن جرير عن أبي واقد الليثي قال : «خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل حنين فمررنا بسدرة فقلت يا نبي الله : اجعل لنا هذه ذات أنواط ، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : الله أكبر هذه كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، إنكم تركبون سنن من قبلكم» ، وما رواه الإمام النسفي في تفسيره من أن يهوديا قال للإمام على بن أبي طالب ، كرم الله وجهه في الجنة : اختلفتم بعد نبيّكم قبل أن تجف دماؤه ، فقال الإمام : قلتم اجعل لنا إلها ولم تجف أقدامكم» ، وعلى أي حال ، فإن موسى عليهالسلام وصف قومه في قول الله تعالى : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ، أي إنكم قوم تجهلون عظمة الله تعالى ، وما يجب أن ينزه عنه من الشريك والنظير ، قال الإمام الزمخشري : تعجب من قولهم ، على إثر ما رأوا من الآية العظمى والمعجزة الكبرى (انغلاق البحر) فوصفهم بالجهل المطلق وأكده ، لأنه لا جهل أعظم مما رأى منهم ولا أشنع ، وكما يقول أبو حيان : أتى بلفظ «تجهلون» ولم يقل «جهلتم» إشعارا بأن ذلك منهم كالطبع والغريزة ، لا ينفصلون عنه في ماض ولا مستقبل (٢).
وهكذا لم يطل العهد ببني إسرائيل ، كما يقول صاحب الظلال ، منذ
__________________
(١) خروج ١٤ / ٣٠ ـ ٣١.
(٢) تفسير الكشاف ٢ / ١٥٠ ، تفسير البحر المحيط ٤ / ٣٧٨ ، تفسير النسفي ٢ / ٧٤ ، مختصر تفسير ابن كثير ٢ / ٤٧.