سبحانه وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) (١).
وعلى أية حال ، فإن قصة موسى عليهالسلام في القرآن إنما تختلف عن قصته في التوراة ، طبقا للهدف من كل منهما ، فقصة القرآن ، شأنها في ذلك شأن غيرها من قصص الأنبياء والمرسلين ، إنما أنزلت للعظة والعبرة ، ولبيان الأسوة الحسنة في الجهاد في سبيل الله ، فهدفها ، كهدف غيرها ، ليس التأريخ لها ، وإنما عبرا تفرض الإفادة بما حلّ بالسابقين ، وأما قصة التوراة ، فالغرض منها إنما هو تمجيد بني إسرائيل ، وترديد الحديث عن قصة أرض الميعاد (٢) ، فضلا عن إباحتها لهم سرقة المصريين بالغش والخديعة (٣) ، بل إن مؤلفي التوراة لا يتورعون هنا أن يذكروا في نصوصها ، المقدسة زعموا ، أن مشروع سرقة المصريين إنما كان قد دبر بليل ، وأنه قد نفذ إبان الخروج من مصر ، دون أن يحس المصريون ، بل وحتى دون أن ينتظر بنو إسرائيل أن يختمر عجينهم ، وهكذا لم يعترف كتبة التوراة بجريمة قومهم فحسب ، وإنما زادوا على ذلك أن جعلوها تتم برضى من موسى عليهالسلام وبأمر منه ، وحاشا بنبي الله الكريم أن يرضى بذلك ، فضلا عن أن يأمر به ، ولكنها توراة اليهود ، والحق أن الإساءة إلى أنبياء الله الكرام من بني إسرائيل أمر معروف في التوراة ، ونظائره كثيرة (٤).
__________________
(١) سورة الأحزاب : آية ٦٩ ، وانظر : تفسير الطبري ٢٢ / ٥٠ ـ ٥٣ ، تفسير القرطبي ١٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥٢ ، تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٣٥ ، تفسير النسفي ٣ / ٣١٥.
(٢) تكوين ١٧ / ٤ ـ ٨ ، ٢٦ / ٢ ـ ٤ ، ٣٥ / ١١ ـ ١٢ ، ٢٦ ، خروج ٣ / ٦ ـ ٨ ، ٣٣ / ١ ـ ٣ ، تثنية ٧ / ١ ـ ٢ ، ٢٦ / ١٥ ، محمد بيومي مهران : قصة أرض الميعاد بين الحقيقة والأسطورة ـ مجلة الأسطول ، العدد ٦٦ ، ٦٧ الاسكندرية ١٩٧١ م.
(٣) خروج ١٢ / ٣٤ ـ ٣٦ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ١ / ٣٥٥.