أخوك يكون نبيك ، أنت تتكلم بكل ما آمرك ، وهارون أخوك يكلم فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه» (١) ، ولست أدري كيف قبل كتبة التوراة ذلك الكفر الصراح ، فكيف يكون موسى ، عبد الله ورسوله ، إلها لفرعون ، ثم كيف يكون هارون نبيا لموسى ، وهل تعدّ التوراة بعد هذا كتاب توحيد كما يزعمون ، فضلا عن أن تكون من لدن عليّ قدير.
ومنها (سادسا) أن القرآن الكريم انفرد ، من دون التوراة ، بطلب فرعون من هامان أن يوقد له على الطين ، فيجعل له صرحا ، لعله يطلع إلى إله موسى ، يقول سبحانه وتعالى : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي ، فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى ، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٢) ، ومنها (سابعا) أن القرآن الكريم انفرد من دون التوراة ، بإيمان السحرة المصريين برب موسى وهارون ، كما انفرد كذلك بالإشارة إلى أن فرعون قد فوجئ بإيمان السحرة ، فكاد أن يتميز من الغيظ ، ومن ثم فقد اتهمهم بالتآمر مع موسى ، ثم هددهم بأشد العقاب ، (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ، لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ، وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ، قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ ، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) (٣).
ومنها (ثامنا) أن القرآن الكريم انفرد من دون التوراة بالإشارة إلى أن الملأ من قوم فرعون إنما كانوا يحرضونه على القيام بمذبحة جديدة بين بني إسرائيل ، يكون موسى أول ضحاياها ، بعد أن شاع وذاع ، وملأ الأسماع ،
__________________
(١) خروج ٧ / ١ ـ ٢.
(٢) سورة القصص : آية ٣٨ ، وانظر : غافر : آية ٣٦ ـ ٣٧.
(٣) سورة الشعراء : آية ٤٩ ـ ٥١ ، وانظر : الأعراف : آية ١٢٣ ـ ١٢٦ ، طه : آية ٧١ ـ ٧٥.