ومنها (خامسا) أن هناك نصوصا صريحة في التوراة تتحدث عن دخول الإسرائيليين مصر ، بل وقد ذكر كذلك أسماء الذين دخلوا منهم أرض الكنانة (١) ، فضلا عما جاء في القرآن الكريم بهذا الشأن (٢).
وفي الواقع ـ وكما أشرنا آنفا ـ أن التوراة ليست وحدها من بين الكتب المقدسة التي تحدثت عن دخول بني إسرائيل مصر ، وإنما ذلك أمر تجمع عليه الكتب المقدسة الثلاثة ، فالإنجيل يقول في الرسالة إلى العبرانيين : «بالإيمان يوسف عند موته ذكر خروج بني إسرائيل ، وأوصى من جهة عظامه ، بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعي ابن ابنة فرعون ، مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الله (٣).
وأما القرآن الكريم ، فإنه يتحدث بصراحة عن إقامة يوسف في مصر ، وعن قدوم يعقوب وبنيه إليه فيها ، يقول سبحانه وتعالى : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) (٤) ، ويقول : (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ ، وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ
__________________
ـ التالي ، كما كانت الاستعارة كثيرة الاستعمال أيضا ، ومن كل هذا ـ ولوجود هذه الصور في الأدب العبري ـ استنتج العلماء أن اليهود قد اعتمدوا في التركيب النهائي لأدبهم الشعري على النماذج المصرية بدرجة ما ، وبخاصة في مجالات رئيسية ثلاث ، هي : الشعر الديني ، وكتابات الحكمة ، والشعر غير الديني (أنظر :
. ٢٤٢ ـ ٢٤١.p ، ١٩٤٧.A. Erman, the Literature of the Ancient, Egypt, OXford,
(١) تكوين ٤٦ : ١ ـ ٢٧.
(٢) سورة يوسف : آية ٩٩.
(٣) الرسالة إلى العبرانيين ١١ : ٢٢ ـ ٢٩.
(٤) سورة يوسف : آية ٢١.