فشرحت له قصتي من أولها إلى أن لقيني صاحبه ودخلت عليه ، فقال : لا يغمك الله يا أبا حسّان قد فرج الله عنك هذه بدرة للخراساني مكان بدرته ، وبدرة أخرى لك تتسع بها ، وإذا نفذت أعلمتنا. فرجعت من مكاني فقضيت الخراساني ، واتّسعت وفرج الله عزوجل وله الحمد.
قال (١) : أخبرني أبو القاسم الأزهري ، نا أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمد بن عرفة ، حدّثني محمد بن يونس الكديمي ، حدّثني أبو حسان الزيادي قال : مطرنا يوما مطرا شديدا فأقمت في المسجد الصّلوات (٢) ، فإذا أنا بشخص حيالي إذا أطرقت نظر إلي ، وإذا رفعت رأسي أطرق ففعل هذا مرات فدعوت به فقلت : ما شأنك قال : ملهوف أنا رجل متجمل فجاء هذا المطر فسقط بيتي ولا والله أقدر على بنائه قال : فأقبلت أذكر من له ، فخطر ببالي غسّان بن عباد ، فركبت إليه معه وذكرت له شأنه ، فقال : قد دخلتني له رقة هاهنا عشرة آلاف درهم قد كنت أريد تفرقتها فإذا ادفعها إليه ، فبادرت إليه وهو بالباب فأخبرته فسقط مغشيا عليه من الفرح ، فلا مني ناس رأوه وقالوا : ما صنعت به؟ فدخلت إلى غسّان فأمر بإدخاله ورش على وجهه من ماء الورد حتى أفاق فقلت : ويحك ما بالك؟ قال : وردّ علي من الفرح ما نزل بي ما ترى. ثم تحدّثنا مليا فقال لي غسّان قد دخلتني له رقة قلت : فمه؟ قال احمله على دابة ، فقلت له : إن الأمير قد عزم في أمرك على شيء أفمن رأيك أن تموت إن أخبرتك؟ قال : لا ، قلت : قد عزم على حملك على دابة ، قال : أحسن الله جزاءه ، ثم تحدّثنا مليا فقال لي : قد دخلتني لهذا الرجل رقة ، قلت فما تصنع به؟ قال : أجري له رزقا سنيا وأضمه إليّ فقلت له : إن الأمير قد عزم في أمرك على شيء أفمن رأيك أن تموت؟ قال : لا ، قلت : إنه قد عزم على أن يجري لك رزقا ويضمك إليه ، فقال : أحسن الله جزاه ثم ركبت ودفعت البدرة إلى الغلام يحملها ، فلما سرنا بعض الطريق قال لي : ادفع إليّ أحملها ، قلت الغلام يكفيك ، قال آنس بمكانها على عنقي ، ثم غدوت به إلى غسّان ، فحمله وضمه إليه وخص به فكان من خير تابع.
أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا وأبو الحسن بن سعيد ، نا أبو بكر الخطيب (٣) ،
__________________
(١) تاريخ بغداد ٧ / ٣٥٩.
(٢) في تاريخ بغداد : للصلاة.
(٣) تاريخ بغداد ١٤ / ٢٨٢ في ترجمة يعقوب بن شيبة السدوسي.