مصعب : كان رجل عندنا قد انقطع في العبادة ، فإذا ذكر عبد الله بن الزبير بكى ، وإذا ذكر عليا نال منه. قال : فقلت : ثكلتك أمّك لروحة من علي أو غدوة [منه](١) في سبيل الله خير من عمر عبد الله بن الزبير حتى مات. ولقد أخبرني أبي أن عبد الله بن عروة أخبره قال : رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي في غداة من الشتاء باردة (٢) قال : فو الله ما قام حتى تفسّخ جبينه عرقا فغاظني ذلك ، فقمت إليه فقلت : يا عمّ قال : ما تشاء؟ قال : قلت : رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي فأقمت حتى تفسّخ جبينك عرقا قال : يا ابن أخي إنه ابن فاطمة ، لا والله ما قامت النساء عن مثله.
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا (٣) ، نا الحسن بن علي بن المرزبان النحوي ، نا عبد الله بن هارون النحوي ، نا الحسن بن علي ، أنا أبو عثمان ، قال : سمعت أبا الحسن المدائني يقول : قال معاوية ـ وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف ـ من أكرم الناس أبا وأما وجدا وجدّة وخالا وخالة وعما وعمّة؟ فقام النعمان بن العجلان الزرقيّ فأخذ بيد الحسن فقال : هذا أبوه علي وأمه [فاطمة](٤) وجده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجدته خديجة ، وعمّه جعفر ، وعمته أمّ هانئ بنت أبي طالب ، وخاله القاسم ، وخالته زينب. فقال عمرو بن العاص : أحبّ من بني (٥) هاشم دعاك إلى ما عملت؟ قال ابن العجلان ، يا ابن العاصي (٦) ما علمت أن من التمس رضى مخلوق بسخط الخالق حرّمه الله أمنيته وختم له بالشقاء في آخر عمره؟ بنو هاشم أنضر قريش عودا وأقعدها سلما (٧) وأفضل أحلاما.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد بن يوة ، أنا أبو الحسن اللّبناني ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا القرشي قال : زعم
__________________
(١) الزيادة عن ترجمته المطبوعة ، وفيها : عدوة بدل غدوة.
(٢) رسمها غير واضح بالأصل ، والصواب عن مختصر ابن منظور ٧ / ٢٢.
(٣) الجليس الصالح الكافي ج ٣ / ١٥.
(٤) الزيادة عن الجليس الصالح.
(٥) كذا ، وفي الجليس الصالح : فحبّ بني هاشم.
(٦) كذا ، وفي الجليس : يا ابن العاص أما علمت.
(٧) الجليس الصالح : سلفا.