أيدفن عثمان بالبقيع ويدفن حسن في بيت النبي صلىاللهعليهوسلم؟ والله لا يكون ذلك أبدا ، وأنا أحمل السيف ، فلما صلّوا على حسن خشي عبد الله بن جعفر أن يقع في ذلك ملحمة عظيمة فأخذ بمقدم السرير ، ثم مضى نحو البقيع فقال له حسين : ما تريد؟ قال : عزمت عليك بحقي أن لا تكلمني كلمة واحدة ، فصار به إلى البقيع فدفنه هناك ، رحمهالله ، وانصرف مروان ومن معه.
وبلغ معاوية ما كانوا أرادوا في دفن حسن في بيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : ما انصفتنا بنو هاشم حين يزعمون أنهم يدفنون حسنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم وقد منعوا عثمان أن يدفن إلّا في أقصى البقيع ، إن يك ظني بمروان صادقا لا يخلصون إلى ذلك ، وجعل يقول : ويها مروان أنت لها.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أنا أبو محمد الحسن بن علي الشيرازي ، أنا أبو عمر محمد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف بن بشر ، أنا الحسين بن محمد بن فهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، نا عبيد الله بن مرداس ، عن أبيه ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية قال : لما مرض حسن بن علي مرض أربعين ليلة ، فلما استعزّ به (١) وقد حضرت بنو هاشم فكانوا لا يفارقونه يبيتون عنده بالليل وعلى المدينة سعيد بن العاص ، وكان سعيد يعوده فمرّة يؤذن له ومرّة يحجب عنه ، فلما استعزّ به بعث مروان بن الحكم رسولا إلى معاوية يخبره بثقل الحسن بن علي.
وكان حسن رجلا (٢) قد سقي وكان مبطونا إنما كان تختلف أمعاؤه ، فلما حضر كان عنده إخوته عهد أن يدفن مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن استطيع ذلك ، فإن حيل بينه وبينه وخيف أن يهراق فيه محجمة من دم دفن مع أمه بالبقيع ، وجعل حسن يوعز إلى الحسين : يا أخي إياك أن تسفك الدماء فيّ ، فإن الناس سراع إلى الفتنة ، فلمّا توفي الحسن ارتجت المدينة صياحا فلا تلقى أحدا إلّا باكيا.
وأبرد مروان إلى معاوية يخبره بموت حسن ، وأنهم يريدون دفنه مع النبي صلىاللهعليهوسلم وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبدا وأنا حيّ.
__________________
(١) استعزّ به : اشتد مرضه وأشرف على الهلاك. واستعزّ بالعليل اشتد وجعه وغلب على عقله (اللسان : عزز).
(٢) بالأصل «رجل».