فإن قيل : فإذا كان الأمر على ما ذكرت فلم أوردوا في حروف الزيادة اللّام الرائدة ، في مثل «ذلك» ، والتاء الزائدة للتأنيث ، في مثل «قائمة» ، وهما ليسا كالجزء مما زيدا فيه ؛ ألا ترى أن «قائما» اسم كامل دون التاء ، وكذلك «ذلك» اسم كامل دون اللّام ، لأنك تقول «ذاك»؟.
فالجواب : عن ذلك شيئان :
أحدهما : أنّ التاء الزائدة قد تكون ، في موضع ، من نفس الكلمة نحو «عفريت» ، وكذلك اللّام في نحو «عبدل». و «زيدل».
فإن قيل : فإنّ اللام في «عبدل» ليست من كمال الاسم ، لأنك تقول «عبد» ، وكذلك «زيدل» لأنك تقول «زيد»؟.
فالجواب : أنّ الذي يقول «عبدلا» و «زيدلا» ليس «عبد» و «زيد» عنده باسمين كاملين ، بل هما بعض اسم ، بدليل جعلهما حرفي إعراب كالدال من «زيد». فلمّا كانا من نفس الحرف في بعض المواضيع ذكرا مع حروف الزيادة.
والآخر : أنّ تاء التأنيث في مثل «قائمة» واللّام في مثل «ذلك» بمنزلة ما هو من نفس الحرف. أمّا تاء التأنيث فلأنها قد صارت حرف إعراب. وأيضا فإنك لو أسقطتها لاختلّت دلالة الاسم ، لأنه كان يعطي التأنيث ، فإذا سقطت منه لم يبق ما يدلّ على التأنيث ، وصار مدلول الاسم شيئا آخر. وقد تلزم في بعض المواضع نحو «رفاهية». و «كراهية» ، و «طواعية» ، لا يجوز حذفها في شيء من ذلك. وأمّا اللّام فإنها إذا زيدت في اسم المشار صار اسم الإشارة يقع على البعيد ، فإذا أسقطتها منه اختلّت دلالته التي كانت له مع اللّام ، وصار يعطي القريب ، نحو «ذا».
فإن قيل : فلم أوردوا فيها الهاء ، وهي لا تزاد إلّا لبيان الحركة ، فلم تتنزّل منزلة الجزء مما زيدت فيه؟.
فالجواب : أنّ المبرّد قد أخرجها لذلك من حروف الزيادة ، وسنبيّن كونها من حروف الزيادة في فصل الهاء ، إن شاء الله تعالى.
فتبيّن أنّ حروف الزيادة ، التي يجب أن تورد هنا ، إنما هي العشرة المتقدّمة الذّكر ، وما عدا ذلك ، من الحروف ، لا يزاد إلّا في التصعيف. فإنّ كلّ حرف يضعّف فإنّ أحد المضعّفين زائد ، ما لم تقم الدّلالة على أصالتهما. وذلك بأن يؤدي جعل أحدهما زائدا