إلى بقاء الكلمة على أقلّ من ثلاثة أحرف ، نحو «ردّ» ، إذ لا بدّ من فاء وعين ولام. وسنفرد لذلك بابا ، عقب الفراغ من حروف الزيادة ، وسنبيّن فيه أيّ الحرفين هو الزائد. فإن في ذلك خلافا.
ولا يزاد حرف من هذه الحروف إلّا :
للإلحاق : نحو واو «كوثر».
أو لمعنى : نحو حروف المضارعة.
أو للإمكان : نحو همزة الوصل ، فإنهما زيدت ليتوصّل بها إلى النطق بالساكن ، ونحو الهاء المزيدة ، فيما كان من الأفعال على حرف واحد ، في الوقف ، نحو «فه» و «عه». فإنه لا يمكن النّطق بحرف واحد ، إذ لا أقلّ من حرف يبتدأ به ، وحرف يوقف عليه.
أو لبيان الحركة ، في نحو : (سُلْطانِيَهْ) [الحاقة : ٢٩].
أو للمدّ : نحو «كتاب» و «عجوز» و «قضيب». وإنما زيدت هذه الحروف ، ليزول معها قلق اللسان بالحركات المجتمعة ، أو ليزول معها اجتماع الأمثال في نحو «شديد». ومما يدلّ على أنهم قد يزيدون الحرف ، للفصل بين المثلين ، قولهم في جمع قردد «قراديد» في فصيح الكلام. ولا تفعل العرب ذلك فيما ليس في آخره مثلان ، إلّا في الضرورة ، نحو قوله :
تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرة |
|
نفي الدّراهم تنقاد الصيّاريف (١) |
أو للعوض : نحو تاء التأنيث في «زنادقة» فإنها عوض من ياء «زناديق».
أو لتكثير الكلمة : نحو ألف : «قبعثرى» (٢) ونون «كنهبل» (٣) ، لأنه لا يمكن فيها الإلحاق ، إذ ليس لهما من الأصول نظير يلحقان به. وإذا أمكن أن تجعل الزيادة لفائدة كان أولى من حملها على التكثير ، إذ لا فائدة في ذلك. فلذلك جعلنا الحرف الزائد في كلمة لها نظير ، قد قابل الحرف الزائد منها حرف أصليّ من ذلك النظير ، للإلحاق ، إلّا أن يمنع من ذلك مانع.
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو للفرزدق ، في التشبيهات لابن أبي عون ص ١٥ ، وديوان المتنبي ٢ / ٢٤٠ ، ولسان العرب ، مادة (صرف).
(٢) القبعثرى : الجمل الضخم العظيم ، لسان العرب ، مادة (قبعثر).
(٣) الكنهبل : نوع من الأشجار العظيمة ، الصحاح للجوهري ، مادة (كهبل).