وإن وقعت أولا فإنهما بمنزلة الهمزة. فلا يخلو أن يكون بعدها حرفان ، أو أكثر.
فإن كان بعدها حرفان قضي على الميم بالأصالة ، إذ لا بد للكلمة من فاء وعين ولام ، لأنّ ذلك أقلّ أصول الأسماء المتمكّنة والأفعال. وذلك نحو «ملك» و «مسح» وأمثالهما.
وإن كان بعدها أكثر لا يخلو أن يقع بعدها أربعة أحرف مقطوع بأصالتها ، أو ثلاثة مقطوع بأصالتها ، أو اثنان مقطوع بأصالتها ، وما عداهما مقطوع بزيادته ، أو محتمل للأصالة والزيادة.
فإن كان بعدها أربعة أحرف مقطوعا بأصالتها قضي على الميم بالأصالة ، إلّا في الأفعال والأسماء الجارية عليها. وإنما كان الوجه ذلك ، لأنّ الزيادة لا تلحق بنات الأربعة من أوّلها ، إلّا في النوعين المذكورين. وأمّا بنات الخمسة فلا يلحقها من أوّلها زيادة أصلا ، لأنها لا تكون فعلا ، وذلك نحو «مرزنجوش» (١) ، ينبغي أن تكون الميم فيه أصليّة ، وكذلك كلّ ما جاء من هذا النحو.
وإن كان بعدها ثلاثة أحرف مقطوعا بأصالتها قضي عليها بالزيادة ، لأنّ كلّ ما جاء من ذلك ، مما يعرف له اشتقاق ، توجد الميم فيه زائدة ، نحو «ملهى» و «مضرب» وأمثال ذلك ، ممّا لا يحصى كثرة. ولم يجىء أصليّة إلّا في «مغرود» (٢) و «مغفور» (٣) و «مراجل» (٤).
فالدليل على أصالتها في «مراجل» ثباتها في تصريفه ، فقالوا «المرجل». قال :
*بشية ، كشية الممرجل (٥)*
وكذلك «مغفور» ، لأنّ الميم قد ثبتت في تصريفه ، فقالوا «ذهبوا يتمغفرون» أي : يجمعون المغفور ، وهو ضرب من الكمأة.
__________________
(١) المرزنجوش : نبت يداوى به ، الصحاح للجوهري ، مادة (عتر).
(٢) المغرود : ضرب من الكمأة ، لسان العرب ، مادة (غرد).
(٣) المغفور : صمغ شبيه بالناطف ، لسان العرب ، مادة (غفر).
(٤) المراجل : ضرب من بدو اليمن ، لسان العرب ، مادة (مرجل).
(٥) الرجز ، للعجاج في ديوانه ١ / ٢٢١ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٣٣٧ ، والكتاب ٤١ / ٣١١ ، والممرجل : ضرب من ثياب الوشي.