وأمّا «مغرود» فيدلّ على أصالة ميمه أنه ليس من كلامهم «مفعول» ، وفيه «فعلول».
فإذا جاء ما لا يعرف اشتقاقه بزيادة الميم فيه ، حملا على الأكثر مما عرف له اشتقاق نحو «مأسل» (١) ينبغي أن يقضي بزيادة الميم فيه وفي أمثاله ، وإن لم يعرف له اشتقاق.
وإن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما ، وما عداهما مقطوع بزيادته ، قضيت على الميم بالأصالة ، إذ لا أقلّ من ثلاثة أحرف أصول ، كما تقدّم. وذلك نحو «مالك» و «ماسح» وأمثال ذلك ؛ ألا ترى أنّ الألف مقطوع بزيادتها. وإذا كان كذلك وجب أن تكون الميم أصليّة.
وإن كان بعدها حرفان مقطوعا بأصالتهما ، وما عداهما محتمل الأصالة والزيادة ، قضي على الميم بالزيادة ، لأنّ كل ما عرف له اشتقاق من ذلك وجدت الميم فيه زائدة ، ولم توجد أصليّة ، إلّا في ألفاظ مخفوظة. وهي «معزى» و «مأجج» (٢) و «مهدد» (٣) و «معدّ» و «منجنيق» و «منجنون» (٤). فلمّا كانت زائدة في الأكثر ، مما عرف له اشتقاق ، حمل ما لم يعرف له اشتقاق ، من ذلك ، على ما عرف اشتقاقه. وذلك نحو «مذرى» (٥) و «المذروين».
فإن قيل : وما الدليل على أصالة الميم في ستّة الألفاظ المذكورة؟.
فالجواب : أنّ الذي يدلّ على أصالة الميم في «معزى» أنهم يقولون «معز» ، فيحذفون الألف. ولو كانت الميم فيه زائدة لقالوا «عزي».
فإن قيل : إنّ «المعزى» أعجميّ ، وقد تقدّم أنّ الأعجميّ لا يدخله تصريف؟.
فالجواب : أنّ ما كان من الأعجميّة نكر فإنه قد يدخله التّصريف ، لأنه محكوم له بحكم العربيّ ، بدلالة أنّ هذا النوع من العجمة لا يمنع الصّرف بخلاف العجة الشخصيّة. وسبب ذلك أنها أسماء نكرات ـ والنكرات هي الأول ـ وإنما تمكّنت بدخول الألف واللّام عليها ، كما تدخل على الأسماء العربية. ويدلّ على أنهم قد أجروها مجرى العربيّ أنهم قد اشتقّوا منها ، كما يشتقّون من العربيّ. قال رؤبة :
__________________
(١) مأسل : اسم موضع ، لسان العرب ، مادة (أسل).
(٢) مأجج : اسم موضع ، التاج للزبيدي ، مادة (مذحج).
(٣) مهدد : اسم امرأة ، لسان العرب ، مادة (مهد).
(٤) المنجنون : الدولاب ، لسان العرب ، مادة (منجنون).
(٥) المذرى : جانب الألية ، القاموس للفيروز آبادي ، مادة (فصل الذال) ١ / ١٦٥٧.