«لححت (١) عينه» و «ألل السّقاء» (٢) و «ضبب (٣) البلد» ، إذ جعل الميم أصليّة أيضا ، في أوّل وبعدها ثلاثة أحرف ، قليل؟.
فالجواب : ما تقدّم في «معدّ» ، من أنه لمّا كانت الأصالة والزيادة تفضيان إلى قليل كانت الأصالة أولى.
فإن قيل : فهلّا جعلتم الميم أصليّة في «محبب» (٤) ، بدليل فكّ الإدغام ، كما فعلتم ذلك في «مهدد»؟.
فالجواب : أنه لمّا كان جعل الميم فيها أصليّة يؤدّي إلى الحمل على القليل ، وجعلها زائدة يؤدّي أيضا إلى ذلك ، كانت الأولى الزيادة هنا ، لأنّ الميم إذا كانت زائدة كانت الكلمة من تركيب «ح بـ ب» وهو موجود ، وإذا كانت الميم أصليّة كانت الكلمة من تركيب «م ح ب» وهو غير موجود. فكان الحمل على الموجود أولى.
والذي يدلّ ، على أنّ الميم في «منجنيق» أصليّة ، أنه قد استقرّ زيادة النون الأولى ، بدليل قولهم «مجانيق» بحذفها. ولو كانت أصليّة لقلت «مناجيق». فإذا ثبت زيادة النون ثبتت بذلك أصالة الميم ، إذ لو كانت زائدة ، والنون بعدها زائدة ، لأدّى ذلك إلى اجتماع زيادتين في أوّل كلمة ، وذلك لا يوجد إلّا في الأفعال نحو «استفعل» ، أو في الأسماء الجارية عليها ، نحو «انطلق» و «منطلق». و «منجنيق» ليس باسم جار على الفعل. فإذا ثبتت أصالة الميم وزيادة النون الأولى وجب أن يقضى على النون الثانية بالأصالة ، لأنك لو جعلتها زائدة لكان وزن الكلمة «فنعنيلا» ، وذلك بناء غير موجود. وإذا جعلتها أصليّة كان وزن الكلمة «فنعليلا» نحو «عنتريس» (٥). وأيضا فإنها ليست في موضع لزمت فيه زيادتها ، ولا كثرت ، فتجعل زائدة.
فإن قيل : فهلّا استدللتم على زيادة الميم ، بما حكاه أبو عثمان عن التّوّزي ، عن أبي عبيدة ، من أنه سأل أعرابيّا عن حروب ، كانت بينهم ، فقال : «كانت بيننا حروب عون ،
__________________
(١) لحجت : لصقت ، لسان العرب ، مادة (لحح).
(٢) ألل السقاء : تغيرت رائحته ، الصحاح للجوهري ، مادة (ألل).
(٣) ضبب البلد : كثرت ضبابه ، لسان العرب ، مادة (ضبب).
(٤) محبب : اسم رجل ، المنصف ١ / ١٤١.
(٥) العنتريس : الناقة الغليظة الصلبة الوثيقة الشديدة الكثيرة اللحم الجواد الجريئة ، وقد يوصف به الفرس ، تاج العروس ، مادة (عترس).