والدليل ، على أنّ الياء في «حيحى» أصليّة ، أنك لو جعلتها زائدة لكان «حيحى» من باب «ددن» ، وذلك قليل جدّا. فجعلنا الياء أصليّة ، إذ قد قام الدليل على أنّ الواو والياء يكونان أصلين ، في مضاعفات بنات الأربعة ، نحو «ضوضيت» و «قوقى».
والذي شذّ من غير المضاعف ، فجاءت الياء فيه أصليّة ، نحو «يستعور» (١). وذلك أنّ السين والتاء أصلان ، إذ ليست السين في موضع زيادتها ، ولم يقم دليل على زيادة التاء. فلو جعلنا الياء زائدة لأدّى ذلك إلى شيئين : أحدهما : أن يكون وزن الكلمة «يفعلول» ، وذلك بناء غير موجود. والآخر لحاق بنات الأربعة الزيادة من أوّلها ، في غير الأسماء الجارية على الأفعال ، وذلك غير موجود في كلامهم. فلمّا كان جعلها زائدة يؤدّي إلى ما ذكر جعلناها أصلا.
فإن قيل : فإنّ في جعلها أصلا أيضا خروجا عما استقرّ في الياء ، من كونها لا تكون أصلا في بنات الأربعة فصاعدا إلّا في باب «ضوضيت»؟.
فالجواب : أنه لمّا كان جعلها زائدة يؤدّي إلى الخروج عما استقرّ ، من أن الزيادة لا تلحق بنات الأربعة فصاعدا من أوّلها ، وجعلها أصليّة يؤدّي أيضا إلى الخروج عما استقرّ للياء ، من أنها لا تكون أصلا في بنات الأربعة إلّا في باب «ضوضيت» ، كان الذي يؤدّي إلى الأصالة أولى. وأيضا فإنّ الياء قد تكون أصلا في مضاعف بنات الأربعة ، ولا تلحق بنات الأربعة فصاعدا الزيادة من أوّلها ، في موضع من المواضع. وأيضا فجعلها أصلا يؤدّي إلى بناء موجود ، وهو «فعللول» نحو «عضرفوط» (٢) ، وجعلها زائدة يؤدّي إلى بناء غير موجود ، وهو «يفعلول».
وزعم أبو الحسن أيضا أنّ الياء في «شيراز» (٣) أصل ، وهي بدل من واو ، بدليل قولهم في الجمع «شواريز».
فإن قيل : وما الذي حمله على جعلها أصليّة؟.
فالجواب : أنّ الذي حمله على ذلك أنه إن جعل الواو ، التي الياء بدل منها ، أصلا
__________________
(١) اليستعور : شجر ، لسان العرب ، مادة (يستعر).
(٢) العضرفوط : ذكر العظاء ، دويبة ، الصحاح للجوهري ، مادة (عضرفط).
(٣) الشيراز : اللبن الرائب المستخرج ماؤه ، تاج العروس ، مادة (شرز).