و «رداء» ، وذلك أنّ الأصل «كساو» و «رداي» ، فتحرّكت الواو والياء ، وقبلهما فتحة ، وليس بينهما وبينها حاجز إلّا الألف ، وهي حاجز غير حصين ، لسكونها وزيادتها ، والياء والواو في محلّ التغيير ـ أعني طرفا ـ فقلبتا ألفا. فاجتمع ساكنان : الألف المبدلة من الياء أو الواو ، مع الألف الزائدة ، فقلبت همزة. ولم تردّ إلى أصلها من الواو والياء ، لئلّا يرجع إلى ما فرّ منه.
فإن كان بعد الياء أو الواو تاء التأنيث ، أو زيادة التثنية ، فلا يخلو أن تكون الكلمة قد بنيت على التاء أو الزيادتين ، أو لا تبنى. فإن بنيت عليها بقيت الياء والواو على أصلهما ، ولم يغيّرا ، نحو «رماية» و «شقاوة» و «عقلته بثنايين» (١). وإن لم تبن عليها ، وجعلت كأنها ليست في الكلمة ، قلبت نحو «عظاءة» (٢) و «صلاءة» (٣) و «كساءان» و «رداءان».
وقد يفعل ذلك بالياء والواو ، وإن كانتا بعد ألف غير زائدة ، نحو قولهم في «آية» و «ثاية» (٤) و «طاية» (٥) في النسب : «آئيّ» و «ثائيّ» و «طائيّ» ، تشبيها للألف غير الزائدة بالألف الزائدة.
ومن هذا القبيل أيضا ، عندي ، إبدالهم الهمزة من الياء والواو ، إذا وقعتا عينين في اسم الفاعل ، بعد ألف زائدة ، بشرط أن يكون الفعل الذي أخذ منه اسم الفاعل قد اعتلّت عينه ، نحو «قائم» و «بائع». الأصل فيهما «قاوم» و «بايع» ، فتحرّكت الواو والياء ، وقبلهما فتحة ، وليس بينها وبينهما حاجز إلّا الألف الزائدة ـ وهي كما تقدّم حاجز غير حصين ـ وقد كانت الياء والواو قد اعتلتّا في الفعل في «قام» و «باع» ، فاعتلتّا في اسم الفاعل حملا على الفعل ، فقلبتا ألفا ، فاجتمع ساكنان ، فأبدل من الثانية همزة ، وحرّكت هروبا من التقاء الساكنين. وكانت حركتها الكسر على أصل التقاء الساكنين.
وزعم المبرّد أنّ ألف «فاعل» أدخلت قبل الألف المنقلبة ، في «قال» و «باع» وأمثالهما ، فالتقى ألفان ، وهما لا يكونان إلّا ساكنين ، فلزم الحذف ـ لالتقاء الساكنين ـ أو
__________________
(١) عقلت البعير بثنايين : عقلت يديه بحبل أو بطرفي حبل ، لسان العرب مادة (ثنى).
(٢) العظاءة : دويبة ، الحرذون ، لسان العرب ، مادة (حرذن).
(٣) الصلاءة : مدق الطيب ، المعجم الوسيط للزيات ورفاقه باب الصاد ١ / ٥٢٣.
(٤) الثأية : مأوى الغنم والبقر ، المعجم الوسيط للزيات ورفاقه ، مادة (ثال).
(٥) الطاية : مربد التمر ، المعجم الوسيط للزيات ورفاقه ، مادة (طوي).