التحريك. فلو حذفت لالتبس الكلام ، وذهب البناء ، وصار الاسم على لفظ الفعل ، فتحرّكت العين ؛ لأنّ أصلها الحركة. والألف إذا تحرّكت صارت همزة.
فإن صحّ حرف العلّة في الفعل صحّ في اسم الفاعل ، نحو «عاور» المأخوذ من «عور» ، على ما يحكم في باب القلب.
فالهمزة في هذا الفصل ، والذي قبله ـ وإن كانت مبدلة من الياء والواو ـ من جنس ما أبدلت فيه الهمزة من الألف ، لأنهما لا تبدل منهما همزة إلّا بعد قلبهما ألفا ، كما تقدّم ، ولا يجوز اللفظ بالأصل في «قائم» و «بائع» وبابهما ، لا تقول «قاوم» ولا «بايع».
ومن قبيل ما أبدلت الهمزة فيه من الألف باطّراد إبدالهم الهمزة من ألف التأنيث في نحو «صحراء» و «حمراء» وأشباههما. الهمزة في جميع هذا مبدلة من ألف التأنيث.
فإن قال قائل : وما الدليل على ذلك؟.
فالجواب : أن تقول : الدليل على ذلك أنّ الهمزة لا تخلو من أن تكون للتأنيث بنفسها ، أو بدلا من ألف التأنيث. فباطل أن تكون بنفسها للتأنيث ، لأمرين :
أحدهما : أنّ الألف قد استقرّت للتأنيث في «حبلى» وأشباهه ، والهمزة لم تستقرّ له ، إذ قد يمكن أن تجعل بدلا من ألف. وإذا أمكن حمل الشيء على ما استقرّ وثبت كان أولى من أن يدّعى أنه خلاف الثابت والمستقرّ.
والآخر : أنهم قالوا في جمع «صحراء» : «صحاريّ» ، وفي «بطحاء» : «بطاحيّ». قال الوليد بن يزيد :
لقد أغدو ، على أشق |
|
ر ، يغتال الصّحاريّا (١) |
وقال غيره :
إذا جاشت حوالبه ترامت |
|
ومدّته البطاحيّ ، الرّغاب (٢) |
ولو لم تكن هذه الهمزة مبدلة من ألف التأنيث لوجب ، في لغة من يحقّق ، أن يقال
__________________
(١) البيت من البحر الهزج ، وهو للوليد بن يزيد في ديوانه ص ٧٤ ، وخزانة الأدب للبغدادي ٧ / ٤٢٤ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ١ / ٨٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٩٥ ، وشرح المفصل ٥ / ٥٨.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب للبغدادي ٧ / ٤٢٦ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ١ / ٨٦ ، وشرح المفصل لابن يعيش ٥ / ٥٨.