أراد «الثعالب» و «أرانب» فلم يمكنه أن يسكن الباء فأبدل منها ياء.
وأبدلت أيضا من الباء ، على اللزوم ، في «ديباج». وأصله «دبّاج» ، فأبدلوا الباء الساكنة ياء ، هروبا من اجتماع المثلين. والدليل على ذلك قولهم في الجمع «دبابيج». فردّوا الباء ، لمّا فرّقت الألف بين المثلين.
وأبدلت أيضا من الباء الثانية ، هروبا من التضعيف ، في «لا وربّك» ، فقالوا «لا وربيك». حكى ذلك أحمد بن يحيى.
وأبدلت من الراء ، على اللزوم ، في «قيراط» و «شيراز» (١). والأصل «قرّاط» و «شرّاز» ، فأبدلوا الياء من الراء الأولى هروبا من التضعيف ، والدليل على أنّ الأصل «قرّاط» و «شرّاز» قولهم «قراريط» و «شراريز» ، فردّ والراء ، لمّا فصلت الألف بين المثلين.
وأبدلت أيضا في «تسرّيت» وأصله «تسرّرت» ، لأنه «تفعّلت» من «السّرّيّة». و «السّرّيّة» : «فعليّة» من السرور ، لأنّ صاحبها يسرّ بها ، أو من السّرّ ، لأنّ صاحبها يسرّ أمرها عن حرّته وربّة منزلة. ومن جعل «سرّيّة» «فعّيلة» من سراة الشيء ـ وهو أعلاه ـ كانت اللّام من «تسرّيت» واوا أبدلت ياء ، لوقوعها خامسة ، لأنّ «السّراة» من الواو بدليل قولهم في جمعه «سروات». قال :
وأصبح مبيضّ الصّقيع كأنّه |
|
على سروات البيت ، قطن (٢) ، مندّف |
والذي ينبغي أن يحمل عليه «سرّيّة» أنه «فعليّة» من السّرّ ، أو من السّرور. فقد دفع أبو الحسن. اشتقاقها من سراة الشيء ـ وهو أعلاها ـ بأن قال : إنّ الموضع الذي تؤتى منه المرأة ليس أعرها وسراتها. وهذا الدفع صحيح ، واشتقاقه من السّرّ أو السرور واضح. فلذلك كان أولى.
فهذا جميع ما أبدلت فيه الياء من الراء.
وأبدلت من النون ، على اللزوم ، في «دينار». أصله «دنّار» ، فأبدلت الياء من النون الأولى ، هروبا من ثقل التضعيف ، بدليل قولهم «دنانير» في الجميع ، و «دنينير» في التحقير.
__________________
(١) الشيراز : اللبن الرائب المستخرج ماؤه ، المصباح المنير للرافعي ، مادة (شرز).
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٨ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٥٦ ، وجمهرة أشعار العرب ، ص ٨٨٣.