و «التصدية» : التصفيق والصوت. و «فعلت» منه : صددت أصدّ. ومنه قوله تعالى : (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) [الزخرف : ٥٧] : أي : يعجّون ويضجّون. فأصله «تصددة» ، فحوّلت إحدى الدالين ياء ، هروبا من اجتماع المثلين. وليس قول من قال إنّ الياء غير مبدلة من دال ، وجعله من «الصّدى» الذي هو الصوت ، بشيء ، وإن كان أبو جعفر الرستميّ قد ذهب إليه ، لأنّ الصّدى لم يستعمل منه فعل. فحمله على أنه من هذا الفعل المستعمل أولى.
وأبدلت من العين ، فيما أنشده سيبويه ، من قوله :
ومنهل ليس له حوازق |
|
ولضفادي جمّه نقانق (١) |
يريد «ولضفادع» ، فكره أن يسكّن العين في موضع الحركة ، فأبدل منها ما يكون ساكنا في حال الجرّ ، وهو الياء.
وأبدلت أيضا من العين ، في «تلعّيت» من اللّعاعة «تلعية». والأصل «تلعّعت تلععة» ، فأبدلت العين الأخيرة ياء ، هروبا من اجتماع الأمثال.
فإن قال قائل : فلعلّ «تلعّيت» : «تفعليت» والياء زائدة ، مثلها في «تجعبيت» ، فلا تكون إذ ذاك بدلا؟.
فالجواب : أنّ التاء إنما دخلت على «لعّيت» ، و «لعّيت» : «فعّلت» ، بدليل قولهم «تلعية» ، إذ لا يجيء المصدر على تفعلة إلّا إذا كان الفعل على وزن «فعّل». فإذا تبيّن أنّ التاء دخلت على «فعّلت» ثبت أنّ «تلعّيت» : «تفعّلت» ، وأنّ الياء بدل من العين.
وأبدلت من الكاف ، فيما حكاه أبو زيد ، من قولهم «مكّوك» و «مكاكيّ». وأصله «مكاكيك» ، فأبدلت الياء من الكاف الأخيرة ، هروبا أيضا من ثقل التضعيف.
وأبدلت من التاء ، أنشد بعضهم :
قامت بها ، تنشد كلّ منشد |
|
فايتصلت بمثل ضوء الفرقد (٢) |
يريد «فاتّصلت» ، فأبدل من التاء الأولى ياء ، كراهية التّشديد.
__________________
(١) الرجز ، لخلف الأحمر في الدرر ٦ / ٢٢٧ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب للبغدادي ٤ / ٤٣٨ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ٢ / ٧٦٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٨٠ ، والكتاب ٢ / ٢٧٣ ، والمقتضب للمبرد ١ / ٢٤٧.
(٢) الرجز ، بلا نسبة في سر صناعة الإعراب لابن جني ٢ / ٧٦٤ ، وشرح المفصل ١٠ / ٢٤ ، ولسان العرب ، مادة (وصل) والمقرب ٢ / ١٧٣.