يدر : هل الفتحة التي في الفاء هي الفتحة الأصليّة التي كانت قبل النقل أو فتحة العين ، بخلاف «فعل» و «فعل» ، لأنه إذا انضمّت الفاء أو انكسرت ، بعد أن كانت مفتوحة ، علم أنّ الحركة التي في الفعل حركة العين نقلت. فلذلك حوّلت الفتحة إلى غيرها ليعلم أنّ الحركة التي في الفاء هي حركة العين وحوّلت حركة العين في ذوات الواو إلى الضمة وفي ذوات الياء إلى الكسرة ليحصل بذلك الفرق بين ذوات الواو وذوات الياء ، لأن الضّمة تدلّ على الواو لأنها منها ، والكسرة تدلّ على الياء لأنها أيضا منها.
فإن قيل : فما الدليل على أنّ «قال» : «فعل» في الأصل ، ثم نقل إلى «فعل» وهلّا ادّعي أنه «فعل» في الأصل؟.
فالجواب : أنّ الذي يدلّ على أنه ليس بـ «فعل» في الأصل : تعدّيه نحو «قلته» ، و «فعل» لا يتعدّى ، ومجيء اسم الفاعل منه على «فاعل» نحو «قائل» ، واسم الفاعل من «فعل» إنما هو «فعيل» نحو «ظريف» ، ولا يجيء على «فاعل» إلّا شاذّا نحو «حمض فهو حامض». فأما «قام» وأمثاله ، ممّا هو غير متعدّ ، فالذي يدلّ على أنه «فعل» بفتح العين مجيء اسم الفاعل منه على «فاعل» نحو «قائم».
فإن قيل : وما الدّليل على أنّ «باع» : «فعل» في الأصل ، وهلّا ادّعيتم أنه «فعل» بكسر العين في الأصل ، ولم تدّعوا أنّ هذه الكسرة في «بعت» أبدلت من الفتحة؟.
فالجواب : أنّ الذي يدلّ على ذلك أنّ المضارع «يفعل» نحو «يبيع» ، و «يفعل» لا يكون مضارع «فعل» إلّا شاذّا.
وأمّا «خاف» و «كاد» فالذي يدلّ على أنهما «فعل» مجيء مضارعهما على «يفعل» بفتح العين ، نحو «يكاد» و «يخاف».
وأمّا «طال» فالذي يدلّ على أنه «فعل» في الأصل مجيء اسم الفاعل منه على «فعيل» ، فتقول «طويل».
فأمّا مضارع «فعل» المضمومة العين فعلى «يفعل» بضمّ العين ، على قياس نظيرها من الصحيح. لم يشذّ من ذلك شيء.
وأمّا «فعل» المكسورة العين فيجيء مضارعها أبدا على «يفعل» بفتح العين ، نحو «كدت تكاد» و «زلت تزال». ولم يشذّ من ذلك شيء إلّا لفظتان ، وهما «متّ تموت» و «دمت تدوم» فجاء مضارعهما على «يفعل» بضمّ العين. على أنه يمكن أن يكون هذا من تداخل اللّغات. وذلك أنهم قد قالوا «متّ» و «دمت» كـ «عدت» ، فيكون «تدوم» و «تموت»