فإن كان متحرّكا ـ وذلك في «انفعل» و «افتعل» نحو «انقاد» و «اقتاد» و «اختار» ـ فإنك تعامل ما بعد الساكن معاملة فعل ، على ثلاثة أحرف. وذلك أنّ الأصل «انقود» و «اقتود» و «اختير» ، فعاملت «قاد» من «انقاد» ، و «تاد» من «اقتاد» ، و «تار» من «اختار» ، معاملة «قال» و «باع» ، فأعللت كما أعللتهما.
ولا يصحّ شيء من ذلك ، إلّا أن يكون في معنى ما لا يعتلّ ، نحو «اجتوروا» و «اهتوشوا» و «اعتونوا» ، لأنها في معنى «تجاوروا» و «تعاونوا» و «تهاوشوا» ؛ ألا ترى أنّ الفعل فيه ليس فعل واحد. فبابه أن يكون على وزن «تفاعل». وكذلك جميع ما يأتي على معنى «تفاعل» لا يعلّ شيء منه كما لم يعلّ «عور» و «صيد» لأنهما في معنى «اعورّ» و «اصيدّ».
إلّا أنك إذا أسندتهما إلى ضمير متكلّم أو مخاطب لم تحوّل الفتحة التي في العين ـ إذا كانت واوا ـ ضمّة ، أو ياء ـ كسرة ، كما فعلت ذلك في «قلت» و «بعت». بل تقول «انقدت» و «اخترت» ، فتسكّن آخر الفعل للضمير ، وما قبله ساكن فتحدفه لالتقاء الساكنين من غير تحويل. وإنما لم تحوّل لأنك لو حوّلت في ذوات الواو حركة العين ضمّة لنقلت «انفعلت» و «افتعلت» إلى «انفعل» و «افتعل» ، وهما بناءان غير موجودين ، وكذلك لو حوّلت في ذوات الياء حركة العين كسرة لنقلتهما إلى «انفعل» و «افتعل» ، وهما بناءان غير موجودين. فلمّا كان النقل يؤدّي إلى بناء غير موجود لم يجز. وليس كذلك «فعل» ، لأنّه إذا حوّل إلى «فعل». بضمّ العين ، أو فعل بكسرها ، كان محوّلا إلى بناء موجود.
وإذا بنيته للمفعول عاملت ما بعد الساكن معاملة الفعل على ثلاثة أحرف. فمن قال في «قال» و «باع» : «قيل» و «بيع» ، قال «انقيد» و «اختير» و «اقتيد». ومن أشار إلى الضمّة هنالك فأشمّ أشمّ هنا. ومن قال «قول» و «بوع» قال : «انقود» و «اختور» و «اقتود».
وكذلك إذا أسندته إلى ضمير المفعول المتكلّم أو المخاطب قلت «اخترت» على لغة من قال «اختور». ومن أشمّ فقال «اختير» قال «اخترت» فأشمّ. ومن ترك الإشمام فقال «اختير» ترك الإشمام فقال «اخترت» ، لأنه لا يدخله لبس كالذي يدخل «بعت». والعمل في إعلال ذلك كلّه كالعمل في إعلال «قيل» و «بيع» ، وقد تقدّم.
وكذلك المستقبل ـ مبنيّا كان للفاعل أو المفعول ـ واسم الفاعل والمفعول ، يجري ما بعد الساكن في جميع ذلك مجرى الفعل على ثلاثة أحرف. فتقول «ينقاد» و «ينقاد» و «يقتاد» و «يقتاد» ، و «مقتاد» و «منقاد». فتجري «قاد» و «تاد» في جميع ذلك مجرى «قال» و «باع».