اعتلّت في المفرد. وذلك نحو «قامة وقيم» و «ديمة وديم» و «قيمة وقيم». والأصل «قوم» و «دوم» ، لأنهما من «قام يقوم» و «دام يدوم».
فإن كانت الواو لم تعتلّ في المفرد لم تعتلّ في الجمع ، نحو «زوج وزوجة» و «عود وعودة» ، إلّا لفظة واحدة شذّت وهي «ثور وثيرة». فذهب أبو بكر إلى أنّ الذي أوجب قلب الواو ياء أنّ الأصل «ثيارة» كـ : «حجارة» و «ذكارة» ، فقلبت الواو ياء لأجل الألف التي بعدها. كما قلبت في «سياط» جمع سوط ، على ما يبيّن بعد. فلمّا قصره منه بقيت الياء ، تنبيها على أنّه مقصور من «ثيارة» ، كما صحّ «عور» حملا على «اعورّ».
وذهب المبرّد إلى أنهم أرادوا أن يفرّقوا بين جمع «ثور» الذي هو الحيوان ، و «الثّور» الذي يراد به القطعة من الأقط (١) ، فقالوا في الحيوان «ثيرة» ، وفي الأقط «ثورة». كما قالوا «نشيان للخبر» (٢) وأصله «نشوان» ، فرقا بينه وبين «نشوان» بمعنى سكران.
ومنهم من ذهب إلى أنّ الأصل «ثورة» بالإسكان ، فقلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة بعد كسرة ، ثم حرّك بالفتح ، وأبقي الياء لأنّ الأصل الإسكان.
ومنهم من علّل ذلك بأنهم قد قالوا «ثيرة» و «ثيران» فقلبوا الواو ياء ، فأحبّوا أن يجروا جمعه كلّه على الياء ، فقالوا «ثيرة» كما قالوا «ثيرة» و «ثيران» ، كما حملوا «أعد» و «تعد» و «نعد» على «يعد».
وكلّ ذلك توجيه شذوذ.
وكذلك لو كان «فعل» من ذوات الواو مفردا لم تقلب واوه ياء ، نحو «طول» (٣).
فإن الاسم على «فعل» من الواو ، بكسر الفاء وإسكان العين ، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، نحو «قيل». أصله «قول» لأنه من القول.
فإن وقعت الواو أو الياء عينا في فعل ، على أزيد من ثلاثة أحرف ، فإنه لا يخلو أن يكون ما قبل حرف العلّة ساكنا ، أو متحرّكا.
__________________
(١) الأقط : شيء يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (أقط).
(٢) النشيان للخبر : الذي يتخبّر أول وروده. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (نشا).
(٣) الطّول : الحبل الطويل جدّا ، وقيل : حبل طويل تشدّ به قائمة الدابة ، ويمسك صاحبه بطرفها ويرسلها ترعى. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (طول).