و «أطول» ووجه الشبّه بينهما أنهما لا يبنيان إلّا من شيء واحد ، وأنّ فعل التعجّب فيه تفضيل للمتعجّب منه على غيره ، كما أنّ «أفعل» يقتضي التفضيل وأنّ فعل التعجّب لا مصدر له ولا يتصرّف ، فصار بمنزلة الاسم لذلك.
وما عدا فعل التعجّب لا يصحّ إلّا فيما شذّ. والذي شذّ من ذلك «استنوق الجمل» و «استصوبت رأيه» ـ حكاهما ابن مقسم عن ثعلب ـ و «استتيست الشّاة» ، و «استروح» ، و «استحوذ». ولا يحفظ في شيء من ذلك المجيء على الأصل. وشذّ من «أفعل» : «أطيب» و «أجود» ، و «أغيلت» المرأة ، و «أطولت» قال :
صددت ، فأطولت الصّدود ، وقلّما |
|
وصال ، على طول الصّدود ، يدوم (١) |
وقد سمع «أطال» و «أجاد» و «أطاب». وأمّا «أغيل» فلا يحفظ فيه كافّة النحويّين إلّا التصحيح ، إلّا أبا زيد الأنصاريّ فإنه حكى «أغيلت المرأة» وأغالت بالتصحيح والإعلال. وجميع هذه الشواذّ منبهة على ما ادّعيناه ، من أنّ أصل «أقام» : «أقوم» ، و «استقام» : «استقوم».
وإن كان على وزن «افعلّ» أو نحو «ابيضّ» و «ابياضّ» ، و «اعورّ» و «اعوارّ» ، فإنّ العين تصحّ ولا تعتلّ. وإنما لم تعتلّ ، لأنك لو أعللت «ابيضّ» و «اعورّ» لقلت «باضّ» و «عارّ» ، فيلتبس بـ «فاعل». وذلك أنك كنت تنقل الفتحة من الياء والواو إلى الساكن قبلهما ، وتحذف ألف الوصل لزوال الساكن ، وتقلب الواو والياء ألفا ، لتحرّكهما في الأصل وانفتاح ما قبلهما في اللفظ. وكذلك لو أعللت «ابياضّ» و «اعوارّ» للزمك أن تقول «باضّ» و «عارّ» ، فيلتبس بـ «فاعل». وذلك أنك إذا فعلت بهما ما فعلت بـ «افعلّ» التقى ساكنان : ألف «افعالّ» والألف المبدلة ، فتحذف إحداهما ، فيصير اللفظ «باضّ» و «عارّ». ومما يوجب أيضا تصحيح «افعلّ» و «افعالّ» أن المزيد إنّما اعتلّ بالحمل على غير المزيد ، وغير المزيد مما هو في معنى «افعلّ» و «افعالّ» لا يعتلّ نحو «عور» و «صيد». فليس لـ «افعلّ» و «افعال» ما يحملان عليه في الإعلال.
فإن كان الاسم على أزيد من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون موافقا للفعل في وزنه ، أو لا يكون. فإن كان موافقا للفعل في وزنه ، وأعني بذلك أن يكون عدد حروفه
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للمرار الفقعسي في ديوانه ص ٤٨ ، والأزهية في علم الحروف للهروي ص ٩١ ، وخزانة الأدب للبغدادي ١٠ / ٢٢٦ ، وشرح أبيات سيبويه للسيرافي ١ / ١٠٥ ، وشرح شواهد المغني للسيوطي ٢ / ٧١٧.