موافقا لعدد حروف الفعل ، وحركاته كحركاته وسكناته كسكناته ، فلا يخلو من أن يكون موافقا للفعل في جنس الزيادة ، أو تكون زيادته مخالفة لزيادة الفعل. فإن كان موافقا للفعل في جنس الزيادة فلا يخلو من أن يكون إعلاله إعلال الفعل مصيّرا له على لفظ الفعل ، أو لا يكون.
فإن لم يكن مصيّرا له على لفظه أعللته لأمن اللّبس ، وذلك نحو أن تبني من «القول» اسما على «يفعل» بضمّ الياء والعين فإنك تقول «يقول». وكذلك إن بنيته من «البيع» قلت «يبيع». والأصل «يبيع» ، فقلت الضمّة من الياء إلى الباء فصارت الياء ساكنة بعد ضمّة ، فقلبت الضمة كسرة لتصحّ الياء ، كما فعلوا في «بيض» و «مبيع» في مذهب سيبويه في أعلالهما. هذا مذهب جماعة النحويين ... لكونه ليس مبنيّا على فعل والصحيح ما ذهب إليه الجماعة من أنك تعلّ ، لموافقته «يفعل» في الوزن ، وإن لم يكن مبنيّا على الفعل ، وسيقام الدليل على صحّة ذلك ، فيما زيادته مخالفة لزيادة الفعل.
وإن كان الإعلال مصيّرا له على لفظ الفعل لم يعلّ ، لئلّا يلتبس الاسم بالفعل. وذلك نحو قولك «هذا أطول منك» ؛ ألا ترى أنك لو أعللت فقلت «أطال» لالتبس بلفظ الفعل. وكذلك لو بنيت مثل «يفعل» و «تفعل» ، من القول والبيع ، لقلت «يقول» و «يبيع». و «تقول» و «تبيع». وكذلك أيضا لو ألحقت التاء لم تعتدّ بها ، وصحّحت الاسم ، فكنت تقول «يقولة» و «يبيعة» ، و «تقولة» و «تبيعة». وكذلك حكم ما هو على وزن الفعل ، وزيادته كزيادة الفعل. قال الشاعر :
جاؤوا بتدويرة ، يضىء وجوهنا |
|
دسم السّليط ، على فتيل ذبال (١) |
فأما «يزيد» اسم رجل فإنما اعتلّ من قبل أنه كان فعلا لزمه الإعلال ، ثم نقل من الفعل فسمّي به. فهو في المعتلّ نظير «يشكر» في الصحيح. وكذلك «تزيد» بالتاء. قال أبو ذؤيب :
يعثرن في حدّ الظّبات كأنّما |
|
كسيت برود بني تزيد الأذرع (٢) |
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لابن مقبل في ديوانه ص ٢٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه للسيرافي ٢ / ٤٤٩ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (دور) ، وبلا نسبة في الكتابة لسيبويه ٤ / ٣٥٢.
(٢) البيت من البحر الكامل ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ١ / ٢٥ ، وخزانة الأدب للبغدادي ١ / ٢٧٤ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ١ / ١٣٤ ، وشرح اختيارات المفضل للخطيب التبريزي ص ١٧٠٨ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (زيد).