ومنها : أنّ حمله ذوات الواو على ذوات الياء ليس بقياس مطرّد. أعني أنه إذا كثر أمر ما في ذوات الياء ، ثم جاء منه في ذوات الواو شيء ، لم يوجب ذلك حمل ذوات الواو على الياء ، وإن فعل ذلك فشذوذا ؛ ألا ترى أنّ كثرة «فعالة» ، في المصادر من ذوات الياء نحو «السّقاية» و «الرّماية» و «النّكاية» ، وقلّتها من ذوات الواو ، لم تخرج «جباوة» عن الشذوذ.
ومنها : أنّ ما ادّعاه ، من أنّ «فعلولة» في ذوات الواو قد كثر ، غير مسلّم. بل هذا الوزن في المصادر قليل في ذوات الياء والواو. وما جاء في ذوات الواو كالمعادل لما جاء منه في ذوات الياء.
ومما يدلّ على صحّة مذهب سيبويه ما حكي من مجيء «كيّنونة» على الأصل. أنشد المبرّد :
قد فارقت قرينها القرينه |
|
وشحطت ، عن دارها ، الظّعينه (١) |
يا ليت أنّا ضمّنا سفينه |
|
حتّى يعود الوصل كيّنونه |
وما عدا هذه المستثنيات ممّا سكن ما قبله ، أو ما بعده ، أو ما قبله وما بعده ، فلا يعلّ أصلا بأكثر من أن تقلب الواو فيه ياء ، إذا اجتمعت مع الياء وقد تقدّم أحدهما بالسكون. فإذا قلبت الواو ياء أدغمت الياء في الياء. وذلك نحو «فيعول» من القيام ، تقول فيه «قيّوم». وكذلك «فيعال» نحو «قيّام». الأصل فيهما «قيووم» و «قيوام» ، فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء.
وكذلك تفعل في كلّ عين ، تكون واوا فتجتمع مع ياء ، ويسبق أحدهما بالسكون ، إلّا أن يشذّ من ذلك شيء نحو «ضيون» (٢) ، أو يكون أحدهما مدّة فإنك لا تدغم. فلو بنيت مثل «فوعل» من القول لقلت «قوول» ولم تدغم لأنّ الواو مدّة ، وقد تقدّم السبب في ذلك في الفعل.
فإن جمعت اسما معتلّ العين على وزن «مفاعل» أو «مفاعيل» فإنك تبقي العين على أصلها ، من ياء أو واو ، ولا تعلّ. إلّا أن تقع في الجمع حسب ما كانت عليه في المفرد
__________________
(١) البيتان من الرجز ، وهما بلا نسبة في الأشباه والنظائر للسيوطي ٥ / ٢٠٥ ، والإنصاف للأنباري ص ٧٩٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٩٢ ، والمنصف لابن جني ٢ / ١٥ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (كون).
(٢) الضّيون : السّنّور. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (ضون).