وأما اللّام فإنّ الصوت قد يمتدّ فيها لأنّ ناحيتي مستدقّ اللسان تتجافيان ، فيخرج الصوت منهما ، وليس يخرج الصوت من موضع اللّام ، لأنّ طرف اللسان لا يتجافى فليس للصوت جري تامّ. وبيان ذلك أنك لو شددت جانبي موضع اللّام لانحصر الصوت ، ولم يجر البتّة.
وأما النون والميم فيجري معهما الصوت في الأنف لأنّ الغنّة صوت ، ولا يجري في الفم لأنّ اللسان لازم لموضع الحرف من الفم.
وأما الراء فللتكرار الذي فيها قد يتجافى اللسان بعض تجاف ، فيجري معه الصوت إذ ذاك.
وأما الياء والواو فلأنّ مخرجهما اتّسع لهواء الصوت ، فجرى لذلك الصوت بعض جري. وأما الألف فلأنّ مخرجها اتّسع لهواء الصوت أشدّ من اتّساع مخرج الياء والواو ، لأنك تضمّ شفتيك في الواو وترفع في الياء لسانك قبل الحنك ، وليس في الألف شيء من ذلك. فهذه الأحرف الثلاثة لها أصوات في غير موضعها من الفم. فصارت بذلك مشبهة للرّخوة ، وهي تشبه الشديدة للزومها مواضعها ، وليس للصوت جري في مواضعها كالرّخوة.
وتنقسم أيضا إلى مطبق ومنفتح. فالمطبقة أربعة أحرف : الطاء والظاء والصاد والضاد. وباقي الحروف منفتح. والإطباق أن ترفع ظهر لسانك إلى الحنك الأعلى مطبقا له. ولو لا الإطباق لصارت الطاء دالا والصاد سينا والظاء ذالا ـ لأن الفارق بينها إنما هو الإطباق ـ ولخرجت الضاد من الكلام ، لأنه ليس من موضعها حرف غيرها ، فترجع الضاد إليه إذا زال الإطباق. والانفتاح ضدّ ذلك.
وتنقسم الحروف أيضا إلى مستعل ومنخفض. فالمستعلية سبعة : الأربعة المطبقة ، وثلاثة من غيرها وهي الخاء والغين والقاف. والمنخفض ما عذا ذلك. والاستعلاء أن يتصعّد اللسان إلى الحنك الأعلى ، انطبق اللسان أو لم ينطبق. والانخفاض ضدّ ذلك.
وتنقسم إلى مكرّر وغير مكرّر. فالمكرّر : الراء. وما عداها غير مكرّر. وأعني بالتكرار : أنك إذا وقفت عليها رأيت طرف اللسان يتعثّر فيها. ولذلك احتسبت في الإمالة بحرفين على ما ذكر في باب الإمالة.
وتنقسم أيضا إلى متقلقل ، ومشرب ، وما ليس فيه قلقلة ولا إشراب.